راكب وماش في معصية الله، ويؤكد هذا المعنى قوله تعالى:{وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}[الشعراء: ٩٥] والجند يَعُمُّ الفارسَ والراجلَ، هذا قول جماعة أهل التفسير وعامتهم، ومن أهل التأويل من يقول: يجوز أن يكون هذا مَثَلاً؛ كما تقول للرجل المجدّ في الأمر: جئت بِخيلك ورجْلك (١)، والرَّجْلُ جمع رَاجِل، كما قالوا: تَاجرٌ وتَجْرٌ، وصاحِبٌ وصَحْبٌ، وراكبٌ ورَكْبٌ (٢)، ومضى الكلام في هذا عند قوله:{فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة: ٢٣٩]
وروى حفص عن عاصم {وَرَجِلِك} مكسورة الجيم (٣)، قال أبو زيد: يقال: رَجْلٌ ورَجِلٌ بمعنى واحد، ومثله: حَذْرٌ وحَذِرٌ، ونَدْسٌ ونَدِسٌ (٤)، وأنشد (٥):
أما أُقَاتِلُ عن دِيني على فَرسٍ ... ولا كذا رَجُلًا إلا بأصْحَابِ (٦)
(١) ورد في "الحجة للقراء" ٥/ ١١١، بنصه. (٢) ورد في "تفسير الطبري" ٥/ ١١٩، بنحوه، و"الحجة للقراء" ٥/ ١١٠، بنصه. (٣) انظر: "السبعة" ص ٣٨٢، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٧٧، و"علل القراءات" ١/ ٣٢٤، و"الحجة للقراء" ٥/ ١٠٩، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٢٩، وقرأ أبو بكر عن عاصم والباقون ساكنة الجيم. (٤) النَّدُس: الصوت الخفي، ورجل نَدْسٌ ونَدُسٌ وندسٌ أي فَهِمٌ سريع السمع فَطِن، وقال يعقوب: هو العالم بالأمور والأخبار. وقال الليث: السريع الاستماع للصوت الخفي."اللسان" (ندس) ٧/ ٤٣٨٣. (٥) البيت لحيي بن وائل. (٦) ورد في "النوادر" ص ١٤٨؛ و"اللسان" (رجل) ٣/ ١٥٩٧، وورد بلا نسبة في "الحجة للقراء" ٥/ ١١٠، و"شرح ديوان الحماسة" للمرزوقي ١/ ٤٦٤ , و"تفسير ابن عطية" ٩/ ١٣٧, و"شرح المفضل" ٥/ ١٣٣ , وفي النوادر, قال أبو حاتم: وقوله رجُلاً: معناه رَاجلاً، كما تقول العرب: جاءنا فلان حافيًا، ورَجُلاً أي راجلاً