فعلى هذا ينصب إحسانًا بمضمر دلَّ عليه الكلام، و (الباء) في: {وَبِالْوَالِدَيْنِ} من صلة الإحسان, وقُدّمت عليه كما تقول: يزيد فامرر (٣)، ويجوز أن يكون العامل فيه ما أُضمر من الإيصاء؛ كأنه: وأوصى بالوالدين إحسانًا.
وقوله تعالى:{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا}، يرفع {أَحَدُهُمَا} بـ {يَبْلُغَنَّ}، و {كِلَاهُمَا} عطف عليه، وقرأ حمزة والكسائي:(يَبْلُغَانِّ)(٤) قال الفراء: ثنَّى؛ لأن الوالدين قد ذُكِرا قبله، فصار الفعل على عددهما، ثم قال:{أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا} على الائتناف، كقوله:{فَعَمُوا وَصَمُّوا}[المائدة: ٧١] ثم استأنف فقال: {كَثِيرٌ مِنْهُمْ}، وكذلك قوله:
(١) في جميع النسخ (أين) بدل (أبي)، و (بهل كأنها) بدل (بها كأننا)، والتصويب من المصادر. (٢) ورد ما بين التنصيص بنصه تقريبًا في "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٢٠، و"تفسير الطبري" ١٥/ ٦٣، وبنحوه في "تفسير الطوسي" ٦/ ٤٦٧، وفي جميع المصادر: (إذ) بدل (إن)، والشاهد -كما ذكره الطبري والطوسي: أعمل يوصينا في الخير، كما أعمل في الإحسان. (٣) أورد الفخر الرازي هذا الوجه وعزاه للواحدي، وتعقبه قائلاً: وهذا المثال الذي ذكره الواحدي غير مطابق؛ لأن المطلوب تقديم صلة المصدر عليه، والمثال المذكور ليس كذلك، وقد أورد السمين القولين وبين أن كلا منهما صحيح من وجه. انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ١٨٦، و"الدر المصون" ٧/ ٣٣٤. (٤) انظر: "السبعة" ص ٣٧٩، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٦٨، و"علل القراءات" ١/ ٣١٩، و"الحجة للقراء" ٥/ ٩٦، و"المبسوط في القراءات" ص ٢٢٨.