قال الفراء: جعل العُصوْفَ تابعًا لليوم في إعرابه (١)، وإنما العُصُوف للرياح، وذلك جائز على وجهين: أحديهما (٢): أن العُصُوْفَ وإنْ للرِّيح فإن اليوم قد يُوصَفُ به؛ لأن الريح تكون فيه، فجائز أن يقول: يومٌ عاصفٌ (٣)؛ كما يقال: يومٌ باردٌ، ويومٌ حارٌ، والبرد والحر فيهما (٤)، وقال أبو عبيدة: العرب تفعل ذلك في الظرف، وأنشد لجرير:
لَقَد لُمْتِنا يا أُمَّ غَيْلان في السُّرَى ... ونِمْتِ وما لَيْلُ الْمَطِيِّ بنائِم (٥)
فوصف الليل بالنوم لَمّا كان فيه، ومثله: يوم ماطر، وليلة ماطرة (٦)، وقال أبو حاتم: هذا من كلام العرب، قال الله تعالى:{بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَار}[سبأ: ٣٣] أضاف إليهما وهما لا يمكران (٧)، وقال: {وَالنَّهَارِ
(١) في جميع النسخ: (إغوائه)، والتصويب من المصدر. (٢) في (د): (إحداهما). (٣) والتقدير: في يوم عاصفٍ ريحُه، ثم حذف "ريحه" للعلم به وجُعلت الصفة لليوم. انظر: "مشكل إعراب القرآن" لمكي ١/ ٤٤٧، و"البيان في غريب الإعراب" ٢/ ٥٧، و"الفريد في الإعراب" ٣/ ١٥٥. (٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٧٣ بتصرف، وانظرت الطبري ١٣/ ١٩٧، و"تهذيب اللغة" (عصف) ٣/ ٢٤٦٣. (٥) "ديوان جرير" ص ٤٥٤، وهو من قصيدة قالها يجيب بها الفرزدق. وورد في: "الكتاب" ١/ ٣٩، و"مجاز القرآن" ١/ ٣٩، و"الكامل" للمبرد ١/ ١٣٥، ٢١٩، و"الخزانة" ١/ ٤٦٥، وورد غير منسوب في: "المقتضب" ٣/ ١٠٥، ٤/ ٣٣١، و"الكامل" ٢/ ١٣٥٦، و"أمالي ابن الشجري" ١/ ٥٣، ٢/ ٢٩. (أم غيلان) هي بنت جرير، (المطي) جمع مطيّة؛ وهي الراحلة التي يمتطى ظهرها [أي تركب]، (السُّرى) سير الليل. (٦) "مجاز القرآن" ١/ ٣٣٩، بتصرف يسير. (٧) لم أقف على مصدره، ومعنى الآية: بل مَكْرُكُم بنا في الليل والنهار. انظر: "الكامل" للمبرد ١/ ١٣٥، و"معاني القرآن وإعرابه" ٤/ ٢٥٤، و"تفسير ابن الجوزي" ٦/ ٤٥٧.