وقال الفراء: الأشبه بالصواب ثلاث وثلاثون؛ لأن الأربعين أقرب في النسق إلى ثلاث وثلاثين منها إلى ثمان عشرة، ألا ترى أنك تقول: أخذت عامة المال أو كله، فيكون أحسن من قولك: أخذت أقل المال أو كله، ومثله قوله:{إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ}[المزمل: ٢٠] فبعض ذا قريب من بعض، فهذا سبيل كلام العرب (١).
قوله:{قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي} قال ابن عباس: دعا ربه فقال: اللهم ألهمني (٢){أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ} يريد: هديتني وجعلتني مؤمنًا صديقًا، لا أشرك بك شيئًا.
قوله تعالى:{وَعَلَى وَالِدَيَّ} عن علي أنه قال: هذه الآية في أبي بكر أسلم أبواه جميعًا, ولم يجتمع لأحد من الصحابة المهاجرين أبواه غيره، أوصاه الله بهما ولزم ذلك من بعده (٣).
قال المفسرون: ووالداه أبو قحافة عثمان بن عمرو، وأم الخير بنت صخر بن عمرو (٤).
وقوله:{وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} قال ابن عباس: فأجابه الله تعالى فأعتق تسعة من المؤمنين يعذبون في الله منهم: بلال، وعامر بن فهيرة، ولم يَدَع شيئًا من الخير إلا أعانه الله عليه.
(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٣/ ٥٢. (٢) انظر: "تفسير البغوي" ٧/ ٢٥، و"ابن كثير" ٦/ ٢٨٢ فقد ذكرا المعني من غير نسبة. (٣) أخرج ذلك الثعلبي في "تفسيره" عن علي ١٠/ ١١٠ ب، وذكره البغوي في "تفسيره" ٧/ ٢٥٧، وابن الجوزي في "زاد المسير" ٧/ ٣٧٨، من غير نسبة، ونسبه القرطبي لعلي. انظر: ١٦/ ١٩٤، وكذلك نسبه في "الوسيط" لعلي. انظر: ٤/ ١٠٧. (٤) ذكر ذلك البغوي في تفسيره ٧/ ٢٥٧، والقرطبي في "الجامع" ١٦/ ١٩٤.