أما تحديد بداية هذا التميز، فيرى - بحق - الدكتور مصطفى حلمي أن أصول التاريخ الإسلامي لم تعين السَّنة التي ظهر فيها هذا المصطلح (١) .
(كان المسلمون على ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول، فلما قتل عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه وأرضاه - ووقعت الفتنة فاقتتل المسلمون بصفين، مرقت المارقة (٢) التي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق»(٣) . وكان مروقها لما حكم الحكمان وافترق الناس على غير اتفاق) (٤) .
وهذا أول صدع في وحدة العقيدة في الجماعة المسلمة، فقد كانت الجماعة محافظة على وحدتها في العقيدة، فحركة الخوارج تعتبر أقدم انشقاق ديني حدث في صفوفها (٥) . ثم حدث بعد بدعة الخوارج بدعة
(١) «نظام الخلافة في الفكر الإسلامي» : ص ٢٨٤. (٢) المارقة: لقب يطلق على الخوارج، والخوارج: هم الذين خرجوا على علي - رضي الله عنه - بعد التحكيم، فقاتلهم علي يوم النهروان، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتالهم في الأحاديث الصحيحة؛ ففي «الصحيحين» عشرة أحاديث فيهم، أخرج البخاري منها ثلاثة، وأخرج مسلم سائرها. «شرح الطحاوية» : ص ٥٣٠. وساقها جميعها ابن القيم في «تهذيب السنن» : (٧/١٤٨ - ١٥٣) ، وانظر: في عقائدهم وفرقهم «الفرق بين الفرق» : ص ٧٢ وما بعدها، «الملل والنحل» : (١/١٤٦) وما بعدها، «الفصل» : (٥/٢٩) وما بعدها. (٣) انظر: «صحيح مسلم» (بشرح النووي) كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم: (٧/١٦٨) . (٤) ابن تيمية: «منهاج السنّة» : (١/٢١٨، ٢١٩) . (٥) دلت بعض الأحاديث على أن بذرة الخوارج وجدت في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، كما في قصة الرجل الذي قال للرسول (وهو يوزع بعض الغنائم: (اعدل يا محمد..) . انظر: الحديث في ذلك في «صحيح البخاري» (مع فتح الباري) : (١٢/٢٩٠) ، و «صحيح مسلم» (بشرح النووي) : (٧/١٦٥، ١٦٦) .