ما نسبه له الإمامان سعيد وهشام الدستوائي ليس من قول قتادة، بل بحسب ما فهماه من قوله، والله يعفو عن الجميع.
الوجه الثاني: أقوال قتادة المنقولة عنه -وهي مبثوثة في كتب التفسير وكتب الاعتقاد- في إثباته القدر تدل على إثباته القدر وبراءته من البدعة القدرية.
ومن ذلك:
روى اللالكائي عن الحكم بن عمر، قال:«أرسلني خالد بن عبد الله إلى قتادة وهو بالجيزة أسأله عن مسائل، فكان فيما سألت، قلت: أخبرني عن قول الله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ [الحج: ١٧]، هم مشركو العرب؟ قال: لا، ولكنهم الزنادقة المباينة الذين جعلوا لله شركاء في خلقه، فقالوا: إن الله يخلق الخير، وإن الشيطان يخلق الشر، وليس لله على الشيطان قدرة»(١).
وفي مسائل حرب الكرماني: عن جويرية بن أسماء قال: «سأل رجل قتادة عن القدر؟ فقال: رأي العرب أحب إليك أم رأي العجم؟ فقال الرجل: لا بل رأي العرب، قال قتادة: فإن العرب لم تزل في جاهليتها وإسلامها تثبت القدر، ثم تمثل ببيت من الشعر:
(١) شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٤/ ٧٧٤)، القضاء والقدر للبيهقي (ص ٣٢٢). (٢) التَّنُوفَة هي: الأَرضُ القَفر. وقِيلَ البَعِيدَةُ الماء. انظر النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (١/ ١٩٩). (٣) مسائل حرب الكرماني (٣/ ١٣٣٠)، وأورده ابن بطة في الإبانة الكبرى (٤/ ٢١٩)، والبيهقي في القضاء والقدر (ص: ٣٢٢).