المبحث السادس معتقد أهل السنَّة في الإرادتين، وأقوال المخالفين فيهما والرد عليهم
أولا: معتقد أهل السنَّة في الإرادتين:
يعتقد أهل السنَّة أن الإرادة التي يتَّصف بها الله ﵎ تنقسم إلى قسمَين:«إرادة كونيَّة قدريَّة، وإرادة شرعيَّة دِينيَّة».
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة ﵀:«طريقة أئمَّة الفقهاء وأهل الحديث وكثيرٍ من أهل النظر وغيرهم: أن الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادةٌ تتعلَّق بالأمر، وإرادة تتعلَّق بالخلق … فإرادة الأمر هي المتضمَّنة للمحبَّة والرضى، وهي الإرادة الدينيَّة، والثانية المتعلِّقة بالخلق هي المشيئة، وهي الإرادة الكونيَّة القدريَّة»(١).
وقال الإمام ابن أبي العزِّ ﵀:«والمحقِّقون من أهل السنَّة يقولون: الإرادة في كتاب الله نوعان: إرادةٌ كونيَّةٌ خلقيَّةٌ، وإرادةٌ دينيَّةٌ أمريَّةٌ شرعيَّةٌ»(٢).
وفيما يلي تعريفٌ بكلٍّ منهما:
أوَّلًا: الإرادة الكونيَّة القدريَّة: وهي المشيئة الشاملة لجميع الحوادث، والمتعلِّقة بما قدَّره الله وقضاه. وهي مستلزمة لوقوع المراد، ويُقال فيها:
«ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن»(٣).
ومن الأدلة عليها:
(١) منهاج السّنة (٣/ ١٥٦)، وانظر: المصدر نفسه (٣/ ١٨٠). (٢) شرح الطحاوية (ص: ٧٩). (٣) انظر: منهاج السّنة (٣/ ١٥٦، ١٥٧، ١٨٠)، ومجموع الفتاوى (٨/ ٨٢).