في الإيمان، وقدحٌ في التوحيد، فسبُّها اعتراضٌ على الله، إذ هي مُدَبَّرةٌ من الله سبحانه، فهو الفاعل.
المسألة الثانية: الأصل في حكم سبِّ الريح: التحريمُ؛ لأنَّه سبٌّ للفاعل وهو الله، ويدخل في سَبِّها لعنُها كذلك.
وهو كذلك نقصٌ في التوحيد وفي العقل، فهي مأمورة، ولهذا ورد في الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:«أَنَّ رَجُلًا لَعَنَ الرِّيحَ حين نَازَعَتْهُ رِدَاءَهُ عَلَى عهد النبيّ ﷺ فلعنها، فَقَالَ النبيّ ﷺ: لَا تَلْعَنْهَا فَإنَّها مَأْمُورَةٌ، وَأنَّه مَنْ لَعَنَ شيئًا لَيْسَ لَهُ بِأَهْلٍ رَجَعَتِ اللَّعْنَةُ عَلَيْهِ»(١).
قال الشافعي:«لا ينبغي شتمُ الريحِ، فإنَّها خلقٌ مطيعٌ لله، وجندٌ من أجناده، يجعلها الله رحمةً إذا شاء، ونقمةً إذا شاء»(٢).
• واعلم أنَّ سبَّ الريحِ يأتي على وجهين:
أ. أن يسبّها باعتقاد أنَّها مأمورةٌ مخلوقة، فهذا حرامٌ، وعليه يحمل النهي في حديث الباب:«لَا تَسُبُّوا اَلرِّيحَ»، والأصل في النهي إذا تجرد عن القرائن التحريم.
ب. أن يسبّها باعتقاد أنَّها هي الفاعلةُ، فهذا شركٌ في الربوبية؛ لأنَّه اعتقد لمخلوقٍ من مخلوقات الله -وهي الريح- تصريفٌ وتدبيرٌ في الكون.
(١) أخرجه أبو داود (٤٩٠٨)، والترمذي (٢٠٩٣)، وابن حبان في الصحيح (٥٧٤٥)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ١٦٠)، وفي الصغير (٩٥٧)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (٢٨٠٠). (٢) الأم (١/ ٢٥٣).