العبدُ نوعًا من أنواع العبادة لغير الله، وبهذا يتبيَّن ارتباط الباب بالتوحيد، فهو من جهة أنَّ النذر لغير الله شركٌ، وهو منافٍ للتوحيد.
وإنما صار النذرُ لغير الله شركًا أكبر: لأنَّه نذرٌ لمخلوق، والنذر للمخلوق لا يجوز، لأنَّه عبادة، والعبادة لا تكون للمخلوق.
ثم يقال: بأن المنذور له ميتٌ غالبًا، والميت لا يملك.
وهو ما نذر له إلا لأنَّه ظنَّ أن الميّت يتصرّف في الأمور من دون الله، واعتقاد هذا كفر، ولهذا قال الفقهاء: خمسةٌ لغير الله شرك: الركوع والسجود والنذر والذبح واليمين.
المسألة الثانية: الفرق بين النذر لغير الله ونذر المعصية:
النذر لغير الله: ليس لله أصلًا، بل لغيره، كأن يقول: عليَّ نذرٌ للوليِّ فلان، وهذا شرك أكبر.
أما نذر المعصية: فهو لله لكنَّه نذرٌ على معصية، كأن يقول: لله عليَّ نذرٌ أن أشرب الخمر، ونذُر المعصية محرمٌ، وأشدُ منه النذرُ لغير الله، وقريبٌ منه الحلف، فالحلف بغير الله -وإن كان المرء صادقًا فيما حلف به- أشنعُ جرمًا من أن يحلف بالله وهو كاذب، ولذا قال ابن مسعود ﵁:«لأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ وَأنَا صَادِقٌ»(١)(٢).
(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٨/ ٤٩٦)، وابن أبي شيبة في المصنف (٣/ ٧٩)، والطبراني في الكبير (٩/ ١٨٣) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ١٧٧)، والمنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ٥٨): رجاله رجال الصحيح، وصححه الألباني في الإرواء (٢٥٦٢). (٢) قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن آل الشيخ: تشبيه النذر بالحلف من جهة الكفارة وعدمها لا من جهة أخرى. ا. هـ. والمراد: أن النذر ليس كالحلف من كل وجه، فالنذر فيه قصد التقرب للمنذور له؛ رجاء نفعه وخوف ضرره، والحلف ليس فيه هذا. انظر: منهج التأسيس (٢٤٤)، والتعليق على فتح المجيد للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف (ص: ١٩).