وُلِّيتَ فَلَمْ تَشْتُمْ عَلِيًّا وَلَمْ تُخِفْ ... بَنِيهِ وَلَمْ تَتْبَعْ سَجِيَّةَ مُجْرِمِ
وَقُلْتَ فَصَدَّقْتَ الَّذِي قُلْتَ بِالَّذِي ... فَعَلْتَ فَأَضْحَى رَاضِيًا كُلُّ مُسْلِمِ
[١] وَكَانَ قَدْ أَحَبَّ عَزَّةَ وَشَبَّبَ بِهَا، فَمِنْ ذَلِكَ:
وَإِنِّي وَتَهْيَامِي [٢] بِعَزَّةَ بَعْدَ مَا ... تَخَلَّيْتُ مِمَّا بَيْنَنَا وَتَخَلَّتِ
لَكَالْمُرْتَجِي ظِلَّ الْغَمَامَةِ كُلَّمَا ... تَبَوَّأَ مِنْهَا لِلْمَقِيلِ اضْمَحَلَّتِ
وَقُلْتُ لَهَا: يَا عَزُّ كلُّ مُصِيبَةٍ ... إِذَا ذُلِّلَتْ يَوْمًا لَهَا النَّفْسُ ذَلَّتِ
[٣] قَالَ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ النَّحْوِيُّ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ يَقُولُ: كُثَيِّرٌ أَشْعَرُ أَهْلِ الإِسْلامِ، وَرَأَيْتُ ابْنَ أَبِي حَفْصَةَ يُعْجِبُهُ مَذْهَبُهُ فِي الْمَدِيحِ جِدًّا، يَقُولُ: كَانَ يَسْتَقْصِي الْمَدِيحَ، وَكَانَ فِيهِ خَطَلٌ وَعُجْبٌ [٤] ، وَكَانَتْ لَهُ عِنْدَ قُرَيْشٍ مَنْزِلَةٌ وَقَدْرٌ.
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الأُمَوِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَقِيَتِ امْرَأَةٌ كُثَيِّرَ عَزَّةَ- وَكَانَ قَلِيلا دَمِيمًا- فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: كُثَيِّرُ عَزَّة، فَقَالَتْ: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ، قَالَ: مَهٍ أَنَا الَّذِي أَقُولُ:
فَإِنْ أَكُ مَعْرُوقَ الْعِظَامِ [٥] فَإِنَّنِي ... إِذَا مَا وَزَنْتُ الْقَوْمَ بِالْقَوْمِ وَازِنُ
قَالَتْ: وَكَيْفَ تَكُونُ بِالْقَوْمِ وَازِنًا وَأَنْتَ لا تُعْرَفُ إِلا بِعَزَّةَ! قَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ ذَاكَ لَقَدْ رَفَعَ اللَّهُ بِهَا قَدْرِي، وَزَيَّنَ بِهَا شِعْرِي، وَإِنَّهَا لَكُمَا قُلْتُ:
وَمَا رَوْضَةٌ بِالْحُزْنِ طَاهِرَةُ الثَّرَى ... يَمُجُّ النَّدَى جَثْجَاثُهَا وَعَرَارُهَا
بِأَطْيَبَ مِنْ أَرْدَانِ عَزَّةَ مَوْهِنًا ... وَقَدْ أُوقِدَتْ بالمندل الرّطب نارها
[١] البيتان من جملة قصيدة، انظر: الشعر والشعراء ١/ ٤١٣- ٤١٤، والبداية والنهاية ٩/ ٢٥٢- ٢٥٣، والعقد الفريد ٢/ ٨٨ وغيره، مع اختلاف في الألفاظ وتقديم وتأخير.
[٢] في الأصل «إنّي لتهيامي» والتصحيح من: الشعر والشعراء ووفيات الأعيان.
[٣] الأبيات من جملة قصيدة، ومناسبتها في: الأغاني ٩/ ٢٩- ٣٠، الشعر والشعراء ١/ ٤٢١- ٤٢٢، وفيات الأعيان ٤/ ١١١، البداية والنهاية ٩/ ٢٥٥.
[٤] الأغاني ٩/ ٦.
[٥] في الأصل «معروف الفطام» .