وقال لي يوما: أَنَا لَا أخاصم إلَّا من فوق الفَلَك.
وقال لي القاضي أَبُو يَعْلَى: مُذْ كتب صَدَقَةُ «الشّفاء» لابن سينا تغيّر.
وحدّثني عليّ بْن الْحَسَن [١] المقرئ فقال: دخلت عَلَيْهِ فقال: وَاللَّه ما أدري من أَيْنَ جاءوا بنا، وَلَا إلى أيّ مُطْبَق [٢] يريدون أن يحملونا.
وحدّثني الظّهير [ابْن][٣] الحنفيّ قَالَ: دخلت عَلَيْهِ فقال: إنّي لأفرح بتعثيري. قُلْت: ولِمَ؟ قَالَ: لأنّ الصّانع يقصدني.
وكان طول عُمره ينسخ بالأجرة، وفي آخر عمره تفقّده بكيس، فقيل لَهُ، قَالَ: أَنَا كنت أنسخ طول عُمري فلا أقدر على دجاجة. فانظر كيف بعث لي الحلواء والدّجاج فِي وقتٍ لَا أقدر أن آكله.
وهو كقول ابْن الراونْدي: وكنت أتأمّل عَلَيْهِ إذا قام للصّلاة، وأكون إلى جانبه، فلا أرى شَفَتَيه تتحرّك أصلا.
ومن شعره:
لا توطّنها فليست بمُقامِ ... واجْتَنِبْها فهي دارُ الانتقام
أتُراها صَنْعة من صانع ... أمْ تُرَاها رَمْيةً من غير رامِ [٤]
فلمّا كثُر عُثُوري على هذا منه هَجَرْتُه، ولم أصَل عَلَيْهِ حين مات.
وكان يُعرف منه فواحش. وكان يطلب من غير حاجة. وخلّف ثلاثمائة دينار [٥] .
وحكي عنه أنّه رئي له منامات نحسة، نسأل الله العفو.
[١] المنتظم: «علي بن عساكر» . [٢] في المنتظم: «أي مضيق» . [٣] إضافة من المنتظم. [٤] المنتظم، الوافي ١٦/ ٢٩٤. [٥] وقال ابن القطيعي: كان بينه وبين ابن الجوزي مباينة شديدة، وكل واحد يقول في صاحبه مقالة الله أعلم بها، (ذيل طبقات الحنابلة ١/ ٣٤٠) .