ورجعا بأهل البصرة [وقصف أهل البصرة أولئك][١] حتى ردّوهم إلى عسكرهم. فسمع علىّ وأهل الكوفة الصوت. وقد كان ابن السوداء، والأشتر، وأصحابهما قد وضعوا رجلا قريبا [٥٤٩] من علىّ، ووصّوه بما يريدون. وقالوا:
- «إذا سمعت عليّا يسأل عن الخبر، فتقدّم وقل كيت وكيت.» فلما قال على: «ما هذا؟» قال ذلك الرجل:
- «ما فجئنا إلّا وقوم منهم قد بيّتونا، فرددناهم من حيث جاءوا، فوجدنا القوم على رجل فركبوا وثار الناس.» وقال علىّ لصاحب ميمنته: «ايت الميمنة.» وقال لصاحب ميسرته: «ايت الميسرة.» وقال: «فلقد علمت أن طلحة والزبير غير منتهيين حتى يسفكا الدم ويستحلّا الحرمة، وأنهما لن يطاوعانا.» والسبائية لا تفتر [إنشابا [٢]] .
فنادى علىّ:«يا أيها الناس كفّوا، فلا شيء!» وكان يحبّ أن يبدأ لتكون الحجّة على القوم.
وخرج الأحنف بن قيس وبنو سعد مشمّرين قد بعثوا حرقوص بن زهير إلى علىّ، فقال:
- «يا علىّ، إنّ قومنا بالبصرة يزعمون أنك إن ظهرت عليهم غدا، إنّك تقتل رجالهم وتسبى نساءهم.» فقال: «ما مثلي يخاف هذا منه. فهل أنت مغن عنى قومك؟» قال: «نعم. واختر منى واحدا من اثنين: إما أن آتيك، فأكون معك بنفسي، وإما أن أكفّ عنك عشرة آلاف سيف.»
[١] . تكملة من الطبري (٦: ٣١٨٢) . [٢] . تكملة من الطبري (٦: ٣١٨٣) وهي ساقطة من الأصل ومط.