ولا أدري ما الفرق بين النوع الأول الذي ذمَّهُ والنوع الثالث الذي ارتضاه، فكلاهما لا يتجه إلى فرض المسائل، وهو موضوع الكلام، إذ ليس الكلام في حفظ المسائل، وهو موضوع الكلام، إذ ليس الكلام في حفظ المسائل وتفهُّمها، وإنما في فرضها والقدرة على استنباط أحكامها.
وعلى الرغم من أن الفقه التقديري كان هدفًا لحملات كثير من العلماء، وكان من أسباب الهجوم على أبي حنيفة ومدرسته، نراه قد اجتذب إليه بعد ذلك كثيرًا من العلماء، وَ «تَابَعَ أَبَا حَنِيفَةَ جُلُّ الفُقَهَاءِ بَعْدَهُ، فَفَرَضُوا المَسَائِلَ وَقَدَّرُوا وُقُوعَهَا، ثُمَّ بَيَّنُوا أَحْكَامَهَا»(٢). والتقى الفقه المدني بالفقه
(١) " المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل ": ٤٤، ٤٥. (٢) " الفكر السامي ": ٢/ ١٢٧.