وقد اعتبر الأحناف أن تصرف المُكْرَهِ هنا ينعقد فاسدًا، حتى أن الملك يثبت به القبض، لأن ركن البيع صدر من أهله مضافًا إلى محله، والفساد لفقد شرطه وهو التراضي، فصار كسائر الشروط المفسدة، فيثبت الملك عند القبض، حتى لو قبضه وأعتقه، أو تصرف فيه تصرفًا لا يمكن نقضه، جاز، ويلزمه القيمة (١).
أما المسألة الثانية، فكلام أهل الرأي فيها مبني على أن الإكراه في كل شيء بحسبه، فتخليص القاتل عن المعصية، والمقتول عن القتل، لا يكون إكراهًا لغيرهما على المعصية. فإذا قال قائل: اعص اللهَ وإلا فأعصيه أنا، فلا ينبغي له أن يعصيه، ولا يعد ذلك إكراهًا على المعصية، ولهذا لم يعدوا مكرهًا من قيل له: لتشربن الخمر أو لأقتلن فلانًا من الناس.
أما الإكراه على البيع والهبة بقتل ذي رحم محرم، ففي استطاعته
(١) انظر " الهداية ": ٣/ ٣٨، ٣٩، ٢٠١. (٢) انظر " حاشية السندي على البخاري ": ٤/ ٢٠١، ٢٠٢.