ونقل عن مالك أنه قال:«إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُخْطِئُ وَأُصِيبُ. فَانْظُرُوا فِي رَأْيِي: فَكُلَّ مَا وَافَقَ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوا بِهِ , وَكُلَّ مَا لَمْ يُوَافِقِ الكِتَابَ وَالسُّنَّةَ , فَاتْرُكُوهُ»(٢).
وَيُبيِّنُ الإمام مالك أهل الرأي من شيوخه، فَيَقُولُ: «قَالَ لِي ابْنُ هُرْمُزَ: " لَا تُمْسِكْ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا سَمِعْتَ مِنِّي مِنْ هَذَا الرَّأْيِ؛ فَإِنَّمَا افْتَجَرْتُهُ أَنَا وَرَبِيعَةُ فَلَا تُمْسِكْ بِهِ» (٣).
وبهذا يتضح أن الرأي لم يكن مقصورًا على المذهب الحنفي. والحق أنه ما وجد فقه فالرأي لازم له، اعترف بهذا أهل الحديث أنفسهم، مما يدل على أن الرأي في هذا القرن كان يستعمل من غير نكير.
(١) " مالك "، للشيخ أبو زهرة: ٢٢، ٢٣؛ وانظر " المعارف ": ص ١٧٠. (٢) " جامع بيان العلم ": ٢/ ٣٣. (٣) " جامع بيان العلم ": ٢/ ٣٣. وقد زدنا في آخر كلمة ابن هرمز «به» لأن المعنى يقتضيها. (٤) " الاحتجاج بالسنة "، للسيوطي: ورقة ٣، ب؛ و " إعلام الموقعين ": ١/ ٥٣ حيث روى ابن القيم هذه العبارة عن ابن المبارك ويحيى بن أكثم؛ ثم عقَّب بقوله: «يُرِيدَانِ بِالرَّأْيِ: القِيَاسَ الصَّحِيحَ، وَالمَعَانِيَ وَالعِلَلَ الصَّحِيحَةَ ...». (٥) " تاريخ بغداد: ٣/ ٣٤٣.