ولكني أرى أن ابن أبي شيبة لا يأخذ على أبي حنيفة أنه يمنع من قضاء سنة الفجر بعد صلاة الصبح قبل طلوع الشمس، فقد سبق مؤاخذته بذلك في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، ولكنه يأخذ عليه أنه لا يقول بقضائها مطلقًا، لا قبل طلوع الشمس ولا بعد طلوعها. جاء في " الهداية ": «(وَإِذَا فَاتَتْهُ رَكْعَتَا الفَجْرِ لَا يَقْضِيهِمَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) لأَنَّهُ يَبْقَى نَفْلاً مُطْلَقًا وَهُوَ مَكْرُوهٌ بَعْدَ الصُّبْحِ (وَلَا بَعْدَ ارْتِفَاعِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ:" أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَهُمَا إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ ") لأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - قَضَاهُمَا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ» (٢).
ووجهة نظر أبي حنيفة أنه - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قد قضى سنة الفجر مع الفجر عندما طلعت عليه الشمس وفاتته الصلاة، أما أن تقضى السنة وحدها فلا، لأنها تثبت ابتداء على التخيير، فلا يلزم بالقضاء.
(١) انظر " النكت الطريفة ": ص ١٧٧، ١٧٨؛ وقد روى الترمذي حديث ابن أبي شيبة هذا، وقال عنه ليس بمتصل، وقال به قوم من أهل مكة (٢/ ٢١٥، ٢١٦). (٢) " الهداية " و" فتح القدير ": ١/ ٣٤٠، ٣٤٧. والتعريس: هو نزول المسافر ليلاً لينام، وانظر أخبار ليلة التعريس في " شرح معاني الآثار ": ١/ ٢٣٣، ٢٣٤.