ولما كانت المبالغة في الورع قد تفضي إلى نوع من الوسوسة والتضييق عقب البخاري على أبواب الشبهات بقوله:(بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ [الوَسَاوِسَ] وَنَحْوَهَا مِنَ الشُّبُهَاتِ). قال ابن حجر:«وَهَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَعْقُودَةٌ لِبَيَانِ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّنَطُّعِ فِي الوَرَعِ».
وحب التملك والرغبة في الكسب والاستزادة من الأموال، قد [تستحوذ] على شعور الإنسان، وتغرقه في مادية طاغية، تحكمها الأنانية وتقودها القسوة، وتنزوي فيها المشاعر الإنسانية النبيلة، وتذوي فيها الإحساسات الرقيقة، ويصبح الإنسان في أشد الحاجة إلى من يرطب له
(١) " فتح الباري ": ٤/ ٢٤٩، ٢٥٠، ويقول ابن العربي عن هذا الحديث: «إِنَّمَا ذَكَرَهُ العُلَمَاءُ فِي فَاتِحَةِ البُيُوعِ لِتَنْبِيهِ الخَلْقِ إِلَى الاِحْتِرَازِ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ مُشْتَبَهٍ فِي طَرِيقِ الكَسْبِ يُضَارِعُ المُحْرِمُ، فَيَجْتَنِبُهُ المُسْلِمُ الذِي يُرِيدُ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ دِينَهُ» (انظر " الترمذي بشرح ابن العربي ": ٥/ ٢٠٦). (٢) " جامع العلوم والحكم "، لابن رجب: ص ٦٤. (٣) " فتح الباري ": ٤/ ٢٥١، ٢٥٢.