يضيِّعني الله أبداً"، فانطلق عمر إلى أبي بكر فقال له مثل ما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنه رسول الله ولن يضيّعه الله أبداً"، فنزلت سورة الفتح، فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمر إلى آخرها، قال عمر: "يا رسول الله أوفتح هو؟ "، قال: "نعم" ١.
وفي رواية، قال عمر: "فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ألستَ نبي الله حقاً؟ قال:"بلى"، قلت: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ قال:"بلى"، قلت: فلمَ نُعطي الدَنيَّة في ديننا إذاً؟ قال:"إني رسول الله ولستُ أعصِيهِ وهو ناصري"، قلت: أوَليس كنت تحدّثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال:"بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام؟ "، قال: قلت: لا. قال:"فإنك آتيه ومُطّوِّف به". قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال:"بلى"، قلت: ألسنا على الحق وعدوّنا على الباطل؟ قال:"بلى"، قلت: فلِمَ نعطي الدنيّة في ديننا إذاً؟ قال:"أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربّه وهو ناصره، فاستمسك بغرزه٢، فوالله إنه على الحق. "قلت: أليس كان يحدّثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ "، قال: "بلى، فأخبرك أنك تأتيه العام؟ "، قلت: لا. قال: "فإنك آتيه ومطوّف به". قال الزهري٣: قال عمر: "فعملت لذلك أعمالاً"٤.
وفي الصحيحين في حديث حاطب٥ لما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم عليّاً والزبير
١ البخاري: الصحيح، كتاب الجزية ٣/١١٦٢، رقم: ٣٠١١. ٢ الغرز: ركاب من جلد، والمراد: التمسك بأمره، وترك المخالفة له، كالذي يمسك بركاب الفارس فلا يفارقه. (انظر: القاموس ص ٦٦٨، وفتح الباري ٥/٣٤٦) . ٣ محمّد بن مسلم. ٤ البخاري: الصحيح، كتاب الشروط ٨/٩٧٨، رقم: ٢٥٨٢، بأطول. ٥ ابن أبي بلتعة اللخمي، شهد بدراً، وتوفي سنة ثلاثين في خلافة عثمان. (الإصابة ١/٣١٤) .