فقوله:"قدحت" أي "غرفت" ومنه سميت المغرفة مقدحة، وفض ختامها: فتح رأسها، وإنما تغرف بعد أن تفتح، فقد علمت أن "قدحت"، مقدم في اللفظ مؤخر في المعنى. وعلى هذا يتوجه قوله تعالى:{يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ}[مريم: ٤٣] ٣ فبدأ بالسجود قبل الركوع لفظًا، وهو مؤخر معنى، ولذلك لم يلزم عند أبي حنيفة٤ وأصحابه من قوله عَزَّ اسْمُهُ {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ}[المائدة: ٦] ٥ الآية تقديم بعض الأعضاء على بعض في الغسل، وذلك أنها معطوفة بالواو، ولا ترتيب فيها.
١ البيت من معلقته وهو في ديوانه "ص٣١٤" وشرح القصائد العشر "ص٢٤٢". ٢ السباء: شراء الخمر. الأدكن: لون الأدكن كلون الخز الذي يضرب إلى الغبرة. العاتق: الخمر القديمة. اللسان "١٠/ ٢٣٧". الجونة: الخابية المطلية بالقار. قدحت: أي فضه. وفض خاتمها: إذا كسره وفتحه. اللسان "٧/ ٢٠٧". أفضل الخمر التي قد وضعت بالزق الأغبر أو الجونة المطلية بالقار. والشاهد في قوله: "قدحت وفض خاتمها" كما أوضح المؤلف. إعراب الشاهد: قدحت: فعل ماضٍ مبني على الفتح والتاء للتأنيث، والواو للعطف. وفض: فعل ماضٍ مبني للمجهول مبني على الفتح، وخاتمها: نائب فاعل مرفوع، والهاء مضاف إليه، وجملة قدحت: في محل جر نعت ل "جونة". اقنتي: من القنوت وهو الطاعة والدعاء. والآية شاهد على أن الواو لمجرد الجمع ولا تفيد ترتيبًا إذ أن الركوع قبل السجود، وفي الآية قدم السجود على الركوع. ٤ انظر/ المغني لابن قدامة "١/ ١٣٦". ٥ المقصود من الآية قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} . [المائدة: من الآية٦]