وأما إبدالها من اللام فيروى أن النمر بن تولب حكى، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"ليس من امبر امصيام في امسفر"٢ يريد: ليس من البر الصيام في السفر، فأبدل لام المعرفة ميمًا.
ويقال: أن النمر لم يرو عن النبي- صلى الله عليه وسلم- غير هذا الحديث؛ إلا أنه شاذ لا يسوغ القياس عليه، ونحوه في الشذوذ ما قرأته على أبي علي بإسناده إلى الأصمعي، قال٣:"يقال: بنات مخر، وهن سحائب يأتين قبل الصيف بيض منتصبات في السماء".
قال طرفة٤:
كبنات المخر يمأدن كما ... أنبت الصيف عساليج الخضر٥
قال أبو علي: كان أبو بكر محمد بن السري يشتق هذه الأسماء من البخار؛ فهذا يدلك من ذهب أبي بكر وأبي علي- لأنه تقبله عن أبي بكر ولم يدفعه- على أن الميم في "مخر" بدل من الباء في "بخر".
١ البيتان في المقتضب "١/ ٣٥٣"، واللسان مدة "خنجر" "٤/ ٢٦٠". ٢ أخرجه البخاري في كتاب الصوم -باب قول النبي- صلى الله عليه وسلم- لمن ظلل عليه: " ... ليس البر الصوم في السفر" ولفظه: "ليس من البر الصوم في السفر"، وأخرجه مسلم في كتاب الصوم -باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر. وأداة التعريف في اللفظين هي "أل". ٣ كتاب الإبدال لابن السكيت "ص٧٠". ٤ البيت في ديوانه "ص٥٩". اللسان "٢/ ٣٢٤" مادة/ عسلج. ٥ يمأدن: يتحركن ويتثنين. لسان العرب "٣/ ٣٩٤" مادة/ مأد. العساليج: جمع عسلوج، وهو الغصن لسنته. القاموس المحيط "١/ ١٩٩". الخضر: اسم البقلة الخضراء. أراد: يمأذن كعساليج أنبتها الصيف.