من "إن" و"ما" و"إن" للتوكيد، و"ما" زائدة كافة١، فلا تدل على نفي، كما لو قال:"إنما النبي محمد".
وهذا فاسد٢، فإن لفظة "إنما" موضوعة للحصر والإثبات: تثبت المذكور، وتنفي ما عداه؛ لأنها مركبة من حرفي نفي وإثبات:"إن" للإثبات و"ما" للنفي فتدل عليهما.
ولذلك لا تستعمل في موضع لا يحسن فيه النفي والاستثناء منه، كقوله، تعالى:{إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} ٣ و {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ٤ و {إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ} ٥، كما قال:{وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ} ٦، وقول النبي، صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم:"إنما الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ" ٧، مثل قوله:"لا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ" ٨
وقال الشاعر٩:
أنا الرجل الحامي الذمار وإنما ... يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي
١ أي: تكف "إن" وأخواتها عن العمل فيما بعدها، وتهيئها للدخول على الجملة الفعلية، وهذه الحروف كانت قبل دخول "ما" عليها مختصة بالدخول على الأسماء عاملة فيها: وإذا ثبت أنها كافة لم تكن نافية، لئلا يؤدي ذلك إلى التناقض. انظر: شرح الطوفي "٢/ ٧٢٤-٧٤٣". ٢ هذا رد ابن قدامة على دليل الحنفية ومن معهم. ٣ سورة النساء من الآية "١٧١". ٤ سورة فاطر من الآية "٢٨". ٥ سورة "ص" من الآية "٦٥". ٦ سورة الأحقاف من الآية "٩". ٧ سبق تخريجه والروايات الواردة فيه قريبًا ٨ تقدم تخريجه. ٩ هو: همام بن غالب بن صعصعة التيمي، المعروف بالفرزدق، من شعراء الطبقة الأولى الإسلاميين، توفي بالبصرة سنة "١١٠هـ". انظر: معجم الشعراء =