فقد قال الله -تعالى-: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} ١.
قلنا: ما استفيد وجوب القتل بهذه الآية، بل بقوله:{اقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} ١، {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} ٢.
وأما أدلة الوجوب: فإنما تدل على اقتضائه مع عدم القرائن الصارفة له، بدليل المندوبات وغيرها وتقدم الحظر قرينة صارفة لما ذكرناه.
وقولهم:"إن النسخ يكون بالإيجاب"٣.
قلنا: النسخ إنما يكون بالإباحة التي تضمنها الإيجاب، زائد لا يلزم من النسخ، ولا يستدل به عليه.
وأما النهي٤ بعد الإيجاب: فهو مقتض لإباحة الترك، كقوله -عليه السلام-: "توضئوا من لحوم الإبل ولا توضئوا من لحوم الغنم"٥.
١ سورة التوبة من الآية: ٥. ٢ سورة التوبة من الآية: ١٢. ٣ هذا رد على الدليل الثالث للقائلين بأنها تفيد الوجوب. ٤ هذا -أيضًا- رد على دليلهم الرابع وهو: قياس الأمر بعد الحظر، على النهي بعد الأمر. ٥ رواه أحمد في المسند "٤/ ٣٥٢" عن أسد بن حضير، وابن ماجه: كتاب الطهارة، باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-. وفي رواية أخرى -عند أحمد-: "توضئوا من لحوم الإبل وألبانها". ورواية مسلم عن جابر بن سمرة أن رجلًا سأل سول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: "إن شئت فتوضأ، وإن شئت فلا تتوضأ". وللعلماء في وجوب الوضوء من أكل لحوم الإبل خلاف حكاه المصنف في =