ثم يستعمل في تفويض الأمر إلى الشخص استعارة، كأنه ربط الأمر بعنقه. كما قال لقيط الإيادي١:
وقلِّدا أمركم لله دركم
رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعًا.
وهو في عرف الفقهاء.
قبول قول الغير من غير حجة، أخذًا من هذا المعنى٢، فلا يسمى الأخذ بقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- والإجماع تقليدًا؛ لأن ذلك هو الحجة في نفسه.
قال أبو الخطاب: العلوم على ضربين:
منها ما لا يسوغ التقليد فيه وهو: معرفة الله ووحدانيته، وصحة
١ هو: لقيط بن يعمر بن خارجة الإيادي، شاعر جاهلي من أهل الحيرة، كان يحسن الفارسية، اتصل بكسرى فكان من كتابه والمطلعين على أسرار دولته. توفي نحو ٢٥٠ قبل الهجرة. انظر: الأغاني "٢/ ٢٣"، الأعلام "٦/ ١٠٩". والبيت من قصيدة له مطلعها: سلام في الصحيفة من لقيط إلى من بالجزيرة من إياد ومعنى "رحب الذراع" كناية عن القوى المقتدر على الأمور. ومعنى "مضطلعًا" الاضطلاع من الضلاعة، وهي: قوة احتمال الأثقال من الاضطلاع. انظر: ديوان لقيط الإيادي ص٤٧ تحقيق الدكتور عبد المعين خان ط مؤسسة الرسالة. ٢ أي: المعنى اللغوي، فكأن المقلد يطوّق المجتهد، ويجعل ما يأخذه عن طوقًا في عنقه، أخذًا من قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِه ِ....} [الإسراء: من الآية: ١٣] . ويشير إلى ذلك- أيضًا – ما أخرجه ابن ماجة عن أبي هريرة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-قال: "من أفتى بفتيا غير ثبت" أي غير صواب" فإنما إثمه على من أفتاه" انظر: شرح الطوفي "٣/ ٦٥٢"، نزهة الخاطر العاطر "٢/ ٤٥٠".