وقال بعض المتكلمين: كل مجتهد "في الظنيات" مصيب، وليس على الحق دليل مطلوب.
واختلف فيه عن أبي حنيفة والشافعي.
وزعم بعض من يرى تصويب كل مجتهد: أن دليل هذه المسألة قطعي٢.
وفَرَضَ ٣ الكلام في طرفين.
أحدهما: مسألة فيها نص فينظر:
فإن كان مقدورًا عليه، فقصّر المجتهد- في طلبه: فهو مخطئ آثم؛ لتقصيره.
وإن لم يكن مقدورًا عليه لبعد المسافة، وتأخير المبلّغ: فليس بحكم في حقه.
بدليل أن الله- تعالى- لما أمر جبريل أن يخبر محمدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بتحويل القبلة إلى الكعبة، فصلَّى قبل إخبار جبريل إياه لم يكن مخطئًا٤.
ولما بُلِّغ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-وأهل قباء يصلون إلى بيت المقدس لم
١ ما بين القوسين من المستصفى "٤/ ٤٨". ٢ يقصد بذلك الإمام الغزالي، حيث نقل كلامه من أول قوله: "وفَرَضَ الكلام ... " إلى قوله: "بخلاف أدلة العقول؛ فإنها لا تختلف"، والغريب أنه لم يصرح باسمه- كما قلنا في مقدمة الكتاب- مع أنه يختصر كلامه، أو يستبدل عبارته بعبارة مرادفة لها! ٣ أي: الغزالي. ٤ عبارة الغزالي: "أنه لو صلَّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-إلى بيت المقدس، بعد أن أمر الله – تعالى- جبريل أن ينزل إلى محمد – عليه السلام- ويخبره بتحويل القبلة، فلا يكون النبي مخطئًا؛ لأن خطاب استقبال الكعبة- بعد – لم يبلغه".