وأكْثَر شُعَرَاءُ الثُّغُور والمَنْكُوبُونَ المَرَاثِي فيما حَلَّ بهم، ثُمَّ قال: وقال أبو بَكْر القُرَشِيُّ المِصِّيْصيُّ في ذلك: [من البسيط]
لا تبكينَّ خَليْطَ الدَّارِ إذ بَانَا … ولا المَعَارِجَ من دَعْدٍ (a) وأظْعَانا
وَابْكِ الثُّغُورَ الّتي أضْحَتْ مَعَالمُها (b) … دَوَارِسًا أقْفَرَتْ رَبْعًا وقِيْعانا
أبْلِغْ خَلِيْفَتنا عنَّا رِسَالَتَنا … لقِيْتَ يا صَاحِ إنْ بَلَّغْتَ رِضْوَانا
خَلِيفَةَ اللهِ لو عَايَنْتَنا لجَرَتْ … مِنكَ الدُّمُوعُ لنا سَكْبًا وتَهْتَانا (c)
جَرَّ العَدُوُّ علينا في عَسَاكِرِهِ … كأنَّها قِطَعٌ في اللَّيْلِ تَغْشَانا
يَسْبي ويَقْتُلُ ما يَلْقَاهُ مِن أحَد … كأنَّما أُلْبِسَ الإسْلَامُ خِذْلَانا
بعَيْنِ زُرْبَةَ إذ حَطَّتْ عَسَاكِرُهُ … وتَلِّ موْزَا إلى أَعْبَارِ جَيْحَانا
وتَلِّ صوْغَا وما وَالاهُ صَبَّحَهُ … وبالخَلِيْجِ وجَوْزِ المَرْجِ مَسَّانا
وبالكَنِيْسَةِ والحَمَّامِ زَلْزَلَها … وبالمَلَنْدِينِ قبلَ العِيْدِ وَازَانا (d)
وحِصْنِ أرْقانَ والأحْوَاقِ ضَعْضَعَها … وبالمُثَقَّبِ والتِّيْنَاتِ غَادَانَا
وأهْلِ بَيَّاسٍ ابتاعُوا مَدِيْنَتَهُمْ … مِنَ العَدُوِّ كَفَى بالبَيْع خُسْرَانا
وكم حُصُونٍ إذا عدَّدْتَها كَثُرَتْ (e) … يَكْفِيْكَ من بَاطِنِ المَنْشُورِ عُنْوانا
مَدَائنٌ أصْبَحَتْ بالثَّغْرِ مُوْحِشَةً … مَنَابِرٌ عُلِّيَت بالبَغْي صُلْبَانا
تَرَى الخَنَازِيرَ تَسْعى في مَسَاجِدِها … وطَالَ مَا عُمِرَت فِقْهًا وقُرْآنَا
تَرَى أئمَّتَها صَرْعَى وقد ذُبِحُوا … عِندَ المَحَارِيبِ إذْلَالًا وإيْهانا (f)
تَرَى المَصَاحِفَ (g) والأجْزاءَ مُحْرَقَةً … هَلَّا بَكَيتَ (h) لها سِرًّا وإعْلَانا
تَرَى الرِّجَالَ كَبُدْنِ الحَجِّ قد نُحِرُوا … حَوْلَ الحُصُون عليها الطَّيْرُ قُطْعَانا (i)
(a) م: معالمهما.
(b) م: تكثرت.
(c) الأصل: الصاحف، والمثبت من م.
(d) م: وعد.
(e) مهملة الأول في الأصل، وفي م: وبهتانا.
(f) م: وارانا، وكتب ابن العديم في هامش الأصل: "أظنه: وافانا".
(g) الأصل: إبهانا، والمثبت من م.
(h) الأصل: يكبت، والمثبت من م.
(i) م: قيعانا.