وإشعارُ هَدْي ذَبْحُ نفسي بقهرها … وحَلْقي بمحق (١) الكائنات عن السِّرِّ
وَمَن رَامَ نَفْرًا بعدَ نُسْكٍ فإنَّني … مُقِيمٌ على نُسْكِي حَيَاتي بلا نَفْرِ
* * *
[المجلس الثالث في أيام التشريق]
خرَّج مسلم في "صحيحه"(٢) من حديث نُبَيْشَةَ الهُذَلي أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال:"أَيَّامُ مِنىً (٣) أيَّامُ أكلٍ وشُرْبٍ، وذِكْرِ الله عزَّ وجلَّ". وخرَّجه أهل السُّنن والمسانيد من طرقٍ متعددةٍ (٤) عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وفي بعضها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث في أيَّام منىً مناديًا ينادِي:"لا تصوموا هذه الأيام؛ فإنَّها أيام أكْلٍ وشرْبٍ وذِكْرٍ اللُهِ عزَّ وجلَّ". وفي رواية للنسائي (٥): "أيَّامُ أكلٍ وشربٍ وصلاةٍ". وفي روَاية للدَّارقطني (٦) بإسنادٍ فيه ضعفٌ: "أيَّام أَكْلٍ وشُرْبٍ وَبِعَال"(٧). وفي رواية للإمام أحمد (٨): "مَن كان صائمًا فليفطر؛ فإنَّها أيامُ أكْلٍ وشرْبٍ". وفي رواية "إنها ليسَتْ أيَّامُ صيامٍ".
أيَّام (٩) مِنىً هي الأيَّام المعدودات التي قال الله عزَّ وجلَّ فيها: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ}(١٠). وهي ثلاثة أيامٍ بعدَ يوم النَّحْر، وهي أيَّام التشريق، هذا قولُ ابن عمر وأكثرِ العلماء. ورُوِي عن ابن عباس وعطاءٍ أنَّها أربعةُ أيامٍ: يومُ النَّحْر، وثلاثةُ أيَّام بعدَه، وسمَّاها عطاء أيَّامَ التشريق؛ والأوَّل أظهر.
(١) في ب، ط: "وخلْعي بمحو". (٢) رقم (١١٤١) في الصيام: باب تحريم صوم أيام التشريق. (٣) في مسلم: "أيام التشريق". (٤) انظر هذه الطرق في "جامع الأصول" ٦/ ٣٤٧ - ٣٥٠. (٥) النسائي ٥/ ٢٥٢ في المناسك: باب النهي عن صوم يوم عرفة. (٦) سنن الدارقطني ٢/ ١٨٧ وفيه: "أيام أكل وشرب وذكر الله عزَّ وجلَّ". وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ٢٠٣ بلفظا فإنها أيام أكل وشرب وبعال"، وقال: "رواه الطبراني في الكبير". (٧) البِعال: النكاح وملاعبة الرجل أهله. والمباعلة: المباشرة. (النهاية ١/ ١٤١). (٨) مسند أحمد ٥/ ٢٢٤، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ٢٠٣ عن حبيبة بنت شريق، وقال: "رواه أحمد والطبراني في الأوسط، إلا أنَّه قال: إنها كانت مع أمها العجماء، وفي إسناد أحمد رجل لم يسم". وأخرجه الحاكم في "المستدرك" ١/ ٢٥٠، وليس على شرطهما، كما أخرجه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" ٤/ ٢٧١ ترجمة حبيبة بنت شريق. (٩) في آ، ش: "فأيام مِنىً". (١٠) سورة البقرة الآية ٢٠٣.