يحيى بن معاذ: لو لم يكنِ العفوُ أحبَّ الأشياءِ إليه لم يَبْتَلِ بالذَّنْبِ أَكرَمَ الخَلْقِ عليه.
يا ربِّ أَنْتَ رَجائِي … وفيكَ حَسَّنْتُ (١) ظَنِّي
يا ربِّ فاغْفِرْ ذُنوبِي … وعافِني واعْفُ عَنِّي
العفوُ مِنْكَ إلَهي … والذَّنْبُ قد جَاءَ مِنِّي
والظنُّ فيكَ جَميلٌ … حَقِّقْ بحقِّكَ ظَنِّي
وقولُه - صلى الله عليه وسلم - لأبي هريرةَ لمَّا سأَله: مِمَّ خُلِقَ الخَلْقُ؟ فقال له (٢): "من الماء" يدُلُّ على أن الماءَ أصلُ جميعِ المخلوقاتِ ومادَّتُها، وجميعُ المخلوقاتِ خُلِقَتْ منه.
وفي "المسند" من وجهٍ آخَرَ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قلْتُ يا رسولَ الله، إذا رأيتُكَ طابَتْ نفسِي وقرَّتْ عيني، فانبِئني عن كلِّ شيءٍ. فقال:"كلُّ شيءٍ خُلِقَ من ماءٍ"(٣).
وقد حكى ابنُ جرير وغيرُه، عن ابن مسعود رضي الله عنه وطائفةٍ مِن السَّلَفِ: أنَّ أوَّلَ المخلوقاتِ الماءُ.
وروى الجُوزَجَاني بإسنادِه عن عبد الله بن عمرو أنَّه سئلَ عن بدءِ الخَلْقِ، فقال: مِن ترابٍ، وماءٍ، وطينٍ، ومن نارٍ وظلمةٍ. فقيل له: فما بَدْءُ الخَلْق الذي ذكرْتَ؟ قال: مِن ماءٍ يَنْبُوعٍ.
وقد أخبرَ اللهُ تعالى في كتابِه أن الماءَ كان موجودًا قبلَ خَلْقِ السماواتِ والأرضِ، فقال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}(٤).
وفي "صحيح البخاري" عن عمْرَان بن حُصَيْنٍ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "كان الله
(١) في ع، ش: "أحسنت". (٢) لفظة "له" لم ترد في آ. (٣) قطعة من حديث رواه أحمد في "المسند" (٢/ ٢٩٥ و ٣٢٣ و ٣٢٤ و ٤٩٣). (٤) سورة هود الآية ٧.