أسير ذنبٍ مقيد ما سور … هل يمكن أن يُبْدَلَ المسطور (٢)
من فاته في هذا العام القيامُ بعرَفَةَ فلْيقُمْ لله بحقِّه الذي عرفَه. من عجِزَ عن المبيت بمزدلفة فليبتَّ عزمه على طاعة الله، وقد قرَّبه وأَزْلَفَه. من لم يمكنه القيام بأرجاء الخَيْفِ، فليقمْ للهِ بحقِّ الرجاءِ والخوف. من لم يقدر على نَحْر هَدْيه بمنىً فليذبح هواه هنا وقد بلغ المنى. من لم يصل إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد ربَّ البيت؛ فإنَّه أقرَبُ إلى من دعاه ورجاه من حَبْل الوريد.
نفحت في هذه الأيام نَفْحَة من نَفَحاتِ الأنس من رياض القدس على كُل قلبٍ أجاب إلى ما دُعي. يا هممَ العارفين، بغير الله لا تقنعي. يا عزائمَ الناسكين، لجميع أَنْساك السالكين أجْمعي، لِحُبِّ مولاك افردي، وبين خوفِه ورجائه اقرني، وبذكره تمتعي (٣).
يا أسرارَ المحبين، بكعبة الحُبِّ طُوفي وارْكعِي، وبين صفاء الصفا ومروة المروةِ اسْعِي وأسرِعي، وفي عرفات العرفان (٤) قفي وتضرّعي، ثم إلى مزدلفة الزُّلْفَى فادْفعي، ثم إلى مِنىً نيل المنى فارجعي. فإذا قُرِّب (٥) القرابين فقرِّبي الأرواح ولا تمنعي؛ لقد وضح اليوم الطريق، ولكن قَلَّ السَّالك (٦) على التحقيق وكثر المدَّعِي.
لئن لم أحجَّ البيتَ إذْ شَطَّ (٧) رَبْعُهُ … حَجَجْتُ إلى مَنْ لا يَغيبُ عن الذِّكْر
صفايَ صفائي عن صفاتي ومَرْوَتي … مروءة قلبٍ عن سِوى حُبِّه قَفْرِ (٩)
وفي عرفات الأُنس بالله موقفي … ومُزْدَلفي الزُّلْفَى لَدَيْهِ إلى الحَشْرِ
وَبتَّ المُنَى منِّي مَبيتي في منى … وَرَمْيُ جِمارِي جَمْرُ شَوقيَ في صَدْرِي
(١) في آ، ش: "المهجور". (٢) لم يرد هذا البيت في آ، ش. (٣) اقتبسها مني وجوه أداء الحج، وهي التمتع والإقران والقِران. (٤) في ب، ط: "الغرفات". (٥) في ش، ع: "تربوا". (٦) في آ: "السَّالكون". (٧) في ب، ط: "أو شَطَّ". (٨) في آ، ش، ع: "شمائلِي". (٩) في ب، ع، ط: "فَقْر".