وَمُهْمَلاتٌ في الفَلاةِ رُتَّعُ … صُبَّ عَلَيْكُمُ (١) العَذابُ الموجِعُ
وقد قيلَ في تأْويلِ قولِهِ تعالى {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}[البقرة: ٢٥١]: إنَّهُ يَدْخُلُ فيها دفعُهُ عن العصاةِ بأهلِ الطَّاعةِ.
وجاءَ في الآثارِ: إنَّ الله يَدْفَعُ بالرَّجلِ الصَّالح عن أهلِهِ وولدِهِ وذرِّيَّتِهِ ومَن حولَهُ (٢).
وفي بعضِ الآثارِ (٣): يَقولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: أحَبُّ العبادِ إليَّ: المتحابُّونَ بجلالي، المشَّاؤونَ في الأرضِ بالنَّصيحةِ، المشَّاؤونَ على أقدامِهِم إلى الجمعاتِ (وفي روايةٍ: المعلَّقةُ قلوبُهُم بالمساجدِ)، والمستغفرونَ بالأسحارِ، فإذا أرَدْتُ إنزالَ عذابٍ بأهلِ الأرضِ فنَظَرْتُ إليهِم؛ صَرَفْتُ العذابَ عن النَّاسِ.
وقالَ مَكْحولٌ: ما دامَ في الناسِ خمسةَ عشرَ يَسْتَغْفِرُ كلٌّ منهُمُ [الله] كلَّ يومٍ خمسًا وعشرينَ مرَّةً؛ لم يَهْلِكوا بعذابٍ عامٍّ (٤).
والآثارُ في هذا المعنى كثيرةٌ جدًّا.
• وقد رُوِيَ في صيامِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - شعبانَ معنًى آخرَ، وهوَ أنَّهُ تُنْسَخُ فيهِ الآجالُ. فرُوِيَ بإسناد فيهِ ضعفٌ عن عائِشَةَ؛ قالَتْ: كانَ أكثرُ صيامِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في شعبانَ، فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ! أرَى أكثرَ صيامِكَ في شعبانَ. قالَ: "إنَّ هذا الشَّهرَ يُكْتَبُ فيهِ لملَكِ
= فحديث أبي هريرة ساقط، وحديث مسافع واهٍ، وحديث أبي الزاهريّة مرسل؛ فلا يفيدها اجتماعها قوّة، وقد ضعّف الحديث ابن عديّ والبيهقي والذهبي والهيثمي والعسقلاني وغيرهم. (١) كذا في خ و ن وط، وفي م وأشار إليها في خ: "لصبّ فيكم". (٢) قد أحسن يرحمه الله إذ لم يجعله من المرفوع؛ فإن المرفوع فيه جاء عند ابن جرير (٥٧٥٥ و ٥٧٥٦) من حديث ابن عمر بسند ساقط ومن حديث جابر بسند واه. (٣) يعني: الإسرائيليات. وهو عند: ابن أبي شيبة (٣٤٢٧٩) من حديث يزيد بن ميسرة عمّا أوحى الله إلى موسى، وأبي نعيم في "الحلية" (٥/ ٢١٢) من كلام خالد بن معدان. (٤) وهذا وأمثاله أقوال تذكر لتقوية الفكرة وتثبيتها في الجملة؛ وأمّا على التفصيل والتدقيق؛ فلا بدّ من مرفوع صحيح تقوم به الحجّة، وهيهات!