أما حديث ثوبان -الذي رواه الترمذي وغيره (١) - ففيه أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قاء فأفطر، وهذا فيه شيءٌ من الإجمال فهل تعمد القيء أو خرج منه القيء دون تعمد؟ إذًا؛ هذا الحديث فيه شيءٌ من الإجمال.
وأما حديث أبي هريرة -الذي رواه أحمد (٢) وأبو داود (٣) والترمذي (٤)، وغيرهم (٥) - فقد جاء برواياتٍ متعددةٍ، لكن أشهرها:"من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء"(٦)، واختلف العلماء فيه صحةً وضعفًا (٧).
ولا شكَّ أنه حديث يجمع بين الحكمين، قوله:(ذرعه) يعني: غلبه، ولا يفطر بذلك؛ لِأَنَّ هذا شيءٌ خارج عن إرادته، فهو أشبه بالناسي، وأما (من استقاء)؛ أي: تعمد ذلك، فإنه يفطر.
وهذا هو القول الذي تلتقي عنده الأدلة، وهو قول جماهير العلماء -كما ذكر المؤلِّف- وهو القول الصحيحُ، ولا يُلتفت إلى غيره.
= (٢/ ٩٨) عن ابن عمر موقوفًا أنه قال: "من استقاء وهو صائم فعليه القضاء، ومن ذرعه القيء فليس عليه القضاء". (١) أخرجه أبو داود (٢٣٨١)، والنَّسائي في الكبرى (٣/ ٣١٤). (٢) أخرجه أحمد (١٠٤٦٣)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيحٌ على شرط مسلم. (٣) تقدَّم. (٤) تقدَّم. (٥) أخرجه ابن ماجه (١٦٧٦) وصحَّحه الألباني. (٦) تقدَّم. (٧) تقدَّم.