قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ فِي "النِّهَايَةِ": الْوَصْفُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مَعْنَاهُ التَّخْصِيصُ، فَإِذَا قُلْتَ: رَجُلٌ شَاعَ هَذَا فِي الرِّجَالِ، فَإِذَا قُلْتَ: طَوِيلٌ اقْتَضَى ذَلِكَ تَخْصِيصًا، فَلَا تَزَالُ تَزِيدُ وَصْفًا، فَيَزْدَادُ الْمَوْصُوفُ اخْتِصَاصًا، وَكُلَّمَا كَثُرَ الْوَصْفُ قَلَّ الْمَوْصُوفُ.
قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَلَا خِلَافَ فِي اتِّصَالِ التَّوَابِعِ، وَهِيَ النَّعْتُ وَالتَّوْكِيدُ، وَالْعَطْفُ وَالْبَدَلُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ.
وَقَالَ الرَّازِيُّ فِي "الْمَحْصُولِ": الصِّفَةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مَذْكُورَةً عُقَيْبَ شَيْءٍ وَاحِدٍ، كَقَوْلِنَا: رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ، وَلَا شَكَّ في عودها إليها أو عقيب شيئين، وههنا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مُتَعَلِّقًا بِالْآخَرِ، كَقَوْلِكَ: أكرم العرب والعجم المؤمنين، فههنا الصفة تكون عائدة إليهما، وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ، كَقَوْلِكَ: أَكْرِمِ العلماء وجالس الفقهاء الزهاد، فههنا الصِّفَةُ عَائِدَةٌ إِلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَإِنْ كَانَ لِلْبَحْثِ فِيهِ مَجَالٌ كَمَا فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ. انْتَهَى.
قَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: إِنْ كَانَتِ الصِّفَاتُ كَثِيرَةً، وَذُكِرَتْ عَلَى "الْجَمْعِ"* عَقِبَ جُمْلَةٍ تَقَيَّدَتْ بِهَا، أَوْ عَلَى الْبَدَلِ، فَلِوَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ مِنْهَا، وَإِنْ ذُكِرَتْ "عَقِبَ"** جُمَلٍ، فَفِي الْعَوْدِ إِلَى كُلِّهَا أَوْ إِلَى الْأَخِيرَةِ خِلَافٌ. انْتَهَى.
وَأَمَّا إِذَا تَوَسَّطَتِ الصِّفَةُ بَيْنَ جُمَلٍ، فَفِي عُودِهَا إِلَى الْأَخِيرَةِ خِلَافٌ، كَذَا قِيلَ، وَلَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ الصِّفَةَ تَكُونُ لِمَا قَبْلَهَا لَا لِمَا بَعْدَهَا لِعَدَمِ جَوَازِ تقدم الصفة على الموصوف.
* في "أ": الجميع.** في "أ": عقيب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute