[الفصل التاسع عشر: مخالفة واحد من المجتهدين لأهل الإجماع]
...
البحث التاسع عشر: مخالفة واحد من المجتهدين لأهل الإجماع
إِذَا خَالَفَ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ وَاحِدٌ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ فَقَطْ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ إِجْمَاعًا وَلَا حُجَّةً، قَالَ الصَّيْرَفِيُّ: وَلَا يُقَالُ لِهَذَا شَاذٌّ؛ لِأَنَّ الشَّاذَّ مَنْ كَانَ فِي الجملة ثم شذ "عنهم"* كيف يكون محجوجًا بِهِمْ وَلَا يَقَعُ اسْمُ الْإِجْمَاعِ إِلَّا بِهِ قَالَ: إِلَّا أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى شَيْءٍ مِنْ جِهَةِ الْحِكَايَةِ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُ قَوْلِهِمْ أَمَّا مِنْ جِهَةِ الِاجْتِهَادِ فَلَا لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَكُونُ مَعَهُ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: وَالْمَذْهَبُ انْعِقَادُ إِجْمَاعِ الْأَكْثَرِ مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَقَلِّ وَنَقَلَهُ الْآمِدِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَأَبِي الْحُسَيْنِ الْخَيَّاطِ١ مِنْ مُعْتَزِلَةِ بَغْدَادَ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ٢ وَالِدُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَالشَّرْطُ أَنْ يَجْمَعَ جُمْهُورَ تِلْكَ الطَّبَقَةِ وَوُجُوهَهُمْ وَمُعْظَمَهُمْ وَلَسْنَا نَشْتَرِطُ قَوْلَ جَمِيعِهِمْ، وَكَيْفَ نَشْتَرِطُ ذَلِكَ وَرُبَّمَا يَكُونُ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ مَنْ لَمْ نَسْمَعْ بِهِ فَإِنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ كَانُوا "يَعْلَمُونَ"** وَيَتَسَتَّرُونَ بِالْعِلْمِ فَرُبَّمَا كَانَ الرَّجُلُ قَدْ أَخَذَ الْفِقْهَ الْكَثِيرَ وَلَا يَعْلَمُ بِهِ جَارُهُ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمَّا اسْتَخْلَفُوا "أَبَا بَكْرٍ" انْعَقَدَتْ خِلَافَتُهُ بِإِجْمَاعِ الْحَاضِرِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ غَابَ قَبْلَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَعْضِ الْبُلْدَانِ وَمِنْ حَاضِرِي الْمَدِينَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرِ الْبَيْعَةَ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ مع اتفاق الأكثرين
* ما بين قوسين ساقط من "أ".** في "أ": يعلمون.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute