المسألة الخامسة: حكم سُؤَالِ الْعَالِمِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
إِذَا تَقَرَّرَ لَكَ أَنَّ الْعَامِّيَّ يَسْأَلُ الْعَالِمَ، وَالْمُقَصِّرَ يَسْأَلُ الْكَامِلَ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ أَهْلَ الْعِلْمِ الْمَعْرُوفِينَ بِالدِّينِ، وَكَمَالِ الْوَرَعِ، عَنِ الْعَالِمِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، الْعَارِفِ بِمَا فِيهِمَا، الْمُطَّلِعِ عَلَى مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ في فهمهما، مِنَ الْعُلُومِ الْآلِيَّةِ، حَتَّى يَدُلُّوهُ عَلَيْهِ، وَيُرْشِدُوهُ إِلَيْهِ، فَيَسْأَلُهُ عَنْ حَادِثَتِهِ "طَالِبًا"* مِنْهُ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ فِيهَا مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، أَوْ مَا فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ الْحَقَّ مِنْ مَعْدِنِهِ، وَيَسْتَفِيدُ الْحُكْمَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَيَسْتَرِيحُ مِنَ الرَّأْيِ الَّذِي لَا يَأْمَنُ الْمُتَمَسِّكُ بِهِ أَنْ يَقَعَ فِي الْخَطَأِ، الْمُخَالِفِ لِلشَّرْعِ، الْمُبَايِنِ لِلْحَقِّ، وَمَنْ سَلَكَ هَذَا الْمَنْهَجَ، وَمَشَى فِي هَذَا الطَّرِيقِ، لَا يَعْدَمُ مَطْلَبَهُ، وَلَا يَفْقِدُ مَنْ يُرْشِدُهُ إِلَى الْحَقِّ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَدْ أَوْجَدَ لِهَذَا الشَّأْنِ مَنْ يَقُومُ بِهِ، وَيَعْرِفُهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ، وَمَا مِنْ مَدِينَةٍ مِنَ الْمَدَائِنِ إِلَّا وَفِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُ هَذَا الْمُقَصِّرِ حُكْمَ الْمُقَصِّرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَتَابِعِيهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَرْوُونَ النُّصُوصَ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَيَعْمَلُونَ عَلَى مَا يُرْشِدُونَهُمْ إليه، ويدلونهم عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَهْلُ الْأُصُولِ أَنَّهُ يَكْفِي الْعَامِّيَّ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى مَنْ لَهُ أَهْلِيَّةُ الْفَتْوَى بِأَنْ يَرَى النَّاسَ مُتَّفِقِينَ عَلَى سُؤَالِهِ، مُجْتَمِعِينَ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَيْهِ، وَلَا يَسْتَفْتِي مَنْ "كان"** مجهول.
* في "أ": طلب.** في "أ": هو.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute