فِي "صَحِيحِهِ"١ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ، مِنْ الْقِسْمِ الْخَامِسِ، مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَمِيرٌ مِنْ الْأُمَرَاءِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلَهُ عَنْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، الْحَدِيثَ، وَهَكَذَا فِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ. وَهِشَامٌ، هُوَ: ابْنُ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ، فَنَسَبَهُ بِجَدِّهِ، وَتَرَكَ اسْمَ أَبِيهِ، فَإِنَّ الْبَاقِينَ، قَالُوا: عَنْ هِشَامِ بْنِ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَرْسَلَنِي، الْحَدِيثَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي "كُتُبِهِمْ"٢ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. إلَى الْمُصَلَّى، فَاسْتَسْقَى، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، وَقَلَبَ، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، انْتَهَى. قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ": كَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، يَقُولُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ هَذَا ابْنُ عَبْدِ رَبِّهِ صَاحِبُ الْأَذَانِ وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ، بَلْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِيُّ، وَالْأَوَّلُ كُوفِيٌّ، انْتَهَى. وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" فِي هَذَا الْحَدِيثِ: جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ رحمه الله، لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: صَلَّى فِي الِاسْتِسْقَاءِ رَكْعَتَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ رحمه الله احْتَجَّ بِقَوْلِهِ: كَصَلَاةِ الْعِيدِ عَلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِيهَا تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي "الْمُسْتَدْرَكِ"٣. والدارقطني، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي "السُّنَنِ" عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ، قَالَ: أَرْسَلَنِي مَرْوَانُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنْ سُنَّةِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَقَالَ: سُنَّةُ الِاسْتِسْقَاءِ سُنَّةُ الصَّلَاةِ فِي الْعِيدَيْنِ، إلَّا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَبَ رِدَاءَهُ، فَجَعَلَ يَمِينَهُ عَلَى يَسَارِهِ، وَيَسَارَهُ عَلَى يَمِينِهِ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَبَّرَ فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَقَرَأَ "بِسَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى"، وَقَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ، وَكَبَّرَ فِيهَا خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَالْجَوَابُ عَنْهُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: ضَعْفُ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَذَا، قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، لَيْسَ لَهُ حَدِيثٌ مُسْتَقِيمٌ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي "كتاب الضعفاء": يروى عَنْ الثِّقَاتِ الْمُعْضَلَاتِ، وَيَنْفَرِدُ بِالطَّامَّاتِ عَنْ الْأَثْبَاتِ، حَتَّى سَقَطَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي "كِتَابِهِ": هُوَ أَحَدُ ثَلَاثَةِ إخْوَةٍ كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ: مُحَمَّدٌ. وَعَبْدُ اللَّهِ. وَعِمْرَانُ، بَنُو عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَأَبُوهُمْ عَبْدُ الْعَزِيزِ مَجْهُولُ الْحَالِ، فَاعْتَلَّ الْحَدِيثُ بِهِمَا، انْتَهَى كَلَامُهُ. الثَّانِي: أَنَّهُ مُعَارَضٌ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ الطبراني
١ والحاكم في "المستدرك" ص ٣٢٦، سواء بسواء، والنسائي في "باب كيف صلاة الاستسقاء" ص ٣٢٦، وكذا الدارقطني: ص ١٨٩.٢ البخاري في "باب تحويل الرداء" ص ١٣٧، ومسلم: ص ٢٩٣.٣ ص ٣٢٦، والدارقطني: ص ١٨٩، والبيهقي: ص ٣٤٨ ج ٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute