بعض ألفاظ القرآن يكون إفراده لمعنى خاص، وجمعه لإشارة معينة، أو يؤثر جمعه على إفراده أو العكس.
فمن ذلك أننا نرى بعض الألفاظ لم يأت في القرآن إلا مجموعًا، وعند الاحتياج إلى صيغة المفرد، يستعمل مرادفه كلفظة "اللُّب" فإنها لم ترد إلا مجموعة كقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} ١, ولم يجئ في القرآن مفرده، بل جاء مكانه "القلب" كقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ} ٢، ولفظة "الكوب" لم تأت مفردة وقد أتى الجمع: {وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} ٣.
وعكس هذا النوع ألفاظ لم تأت إلا مفردة في كل موضع من مواضع القرآن. ولما أريد جمعها جُمعت في صورة من الروعة ليس لها مثال، كقوله تعالى:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} ٤, ولم يقل سبحانه:"وسبع أرضين" لما في ذلك من الخشونة واختلال النظم.
ومن ذلك "الريح" ذُكرت مجموعة ومفردة، فتُذكر مجموعة في سياق الرحمة وتُفرد في سياق العذاب، وذكر في حكمة ذلك أن رياح الرحمة مختلفة الصفات والمنافع، ويقابل بعضها الآخر أحيانًا. لينشأ ريح لطيفة تنفع الحيوان