قد يتعدد ما ينزل والسبب واحد، ولا شيء في ذلك، فقد ينزل في الواقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى. ومثاله: ما أخرجه سعيد بن منصور وعبد الرزاق والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن أم سلمة قالت: "يا رسول الله، لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} ... الآية١.
وأخرج أحمد والنَّسائي وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة قالت: "قلت: يا رسول الله، ما لنا لا نُذكر في القرآن كما يُذكر الرجال؟ فلم يرعني منه ذات يوم إلا نداؤه على المنبر وهو يقول:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} ٢ ... إلى آخر الآية.
وأخرج الحاكم عن أم سلمة أيضًا أنها قالت: تغزو الرجال ولا تغزو النساء، وإنما لنا نصف الميراث؟ فأنزل الله:{وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} ٣, الآية، وأنزل:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} فهذه الآيات الثلاث نزلت على سبب واحد.