وإذا ذُكر الاسم مرتين فله أربع أحوال: لأنه إما أن يكونا معرفتين، أو نكرتين، أو الأول نكرة والثاني معرفة، أو بالعكس.
١- فإن كانا معرفتين فالثاني هو الأول غالبًا كقوله:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ, صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} ١.
٢- وإن كانا نكرتين فالثاني غير الأول غالبًا كقوله:{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} ٢, فإن المراد بالضعف الأول النطفة، وبالثاني الطفولية، وبالثالث الشيخوخة، وقد اجتمع القسمان في قوله تعالى:{فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا, إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} ٣, ولذلك رُوِي عن ابن عباس:"لن يغلب عُسر يُسرين" لأن العسر الثاني أعاده بـ "الـ"، فكان عين الأول، ولما كان اليُسر الثاني غير الأول لم يعده بـ "الـ".
٣- وإن كان الأول نكرة، والثاني معرفة، فالثاني هو الأول حملًا على العهد. كقوله:{كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا, فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} ٤.
٤- وإن كان الأول معرفة، والثاني نكرة، توقف المراد على القرائن، فتارة تقوم قرينة على التغاير. كقوله:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} ٥, وتارة تقوم قرينة على الاتحاد، كقوله:{وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ, قُرْآنًا عَرَبِيًّا} ٦.