وفي طلاقٍ إلاَّ نصفَ مهرِها قبل الوطء، وضَمِنَ في العتقِ القيمةَ، وفي القصاصِ الدِّيةَ فحسب، وضَمِنَ الفرعُ بالرجوع. لا أصلُهُ بقوله: ما أشهدتُهُ على شهادتي و أشهدته وغلطت، ولو رَجَعَ الأصلُ والفرعُ غُرِّمَ الفرعُ، وقولُ الفرعِ: كذبَ أصلي أو غَلِطَ فيها ليس بشيء
اشترى العبدَ بكذا، (وعليه الثَّمن)(١)، فالعبارة الصَّحيحةُ حينئذٍ أن يقال: شهدا على الشِّراء، فَعُلِمَ أن صورةَ مسألةِ «الهداية» في دعوى المشترى، وهذا دقيقٌ تفرَّدَ به خاطري (٢).
(وفي طلاقٍ إلاَّ نصفَ مهرِها قبل الوطء): أي إذا شهدا بالطَّلاقِ قبل الوطء، ثُمَّ رَجَعا ضَمِنا نصفَ المهر، أمَّا بعد الدُّخولِ فلا؛ لأنَّ المهرَ تأكَّدَ بالدُّخولِ فلا إتلاف.
(وضَمِنَ في العتقِ القيمةَ، وفي القصاصِ الدِّيةَ فحسب): أي إذا شهدا أن زيداً قتلَ عمراً، فاقتص زيدٌ، ثُمَّ رَجَعا يجب الدِّيةُ عندنا، وعند الشافعي (٣) - رضي الله عنه - يُقْتَصُّ.
(وضَمِنَ الفرعُ بالرجوع.
لا أصلُهُ بقوله: ما أشهدتُهُ على شهادتي و أشهدته وغلطت): قولُهُ: لا أصلُهُ؛ مسألةٌ مبتدأة لا تعلُّقَ لها برجوعِ الفرع، فإذا قال الأصل: ما أشهدتُ الفرعَ على شهادتي لا يلتفتُ إلى قوله، ولا يضمنُ، وإن قالَ: أشهدتُهُ وغلطت، فلا ضَمان عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسفَ - رضي الله عنه -، ويَضْمَنُ عند محمَّدٍ - رضي الله عنه -.
(ولو رَجَعَ الأصلُ والفرعُ غُرِّمَ الفرعُ)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسف - رضي الله عنه -؛ لأنَّ القضاءَ وقعَ بشهادةِ الفرعِ في علَّةٍ قريبة، فيضافُ الحكمُ إليه، وعند محمَّد - رضي الله عنه - إن شاءَ ضُمِّنَ الأصلُ وإن شاءَ ضُمِّنَ الفرع (٤).
(وقولُ الفرعِ: كذبَ أصلي أو غَلِطَ فيها ليس بشيء)(٥)؛ لأنَّ كذبَ الأصلِ لا
(١) زيادة من أ. (٢) ظاهرُهُ أنَّ العبارةَ المذكورةَ في «الهداية» (٣: ١٣٤) لا يمكنُ تأويلها، وليس كذلك، فإنَّ البيع من الأضداد لغةً واصطلاحاً، فيمكنُ أن يرادَ بالبيعِ الشراء، فلو قال: الشارح - رضي الله عنه -: فالأولى أن يقال، أو فالعبارةُ الحسنةُ حينئذٍ أن يقال… الخ، لكان أولى وأحسن. ينظر: «زبدة النهاية» (٣: ١٧٤). (٣) ينظر: «المنهاج» (٤: ٤٥٧)، و «نهاية المحتاج» (٨: ٣٢٨)، و «حاشيتا قليوبي وعميرة» (٤: ٣٣٣). (٤) رجَّح في «الملتقى» (ص ١٣٧) قول محمد - رضي الله عنه -، وجزم في «التنوير» (ص ١٥٥) بقولهما، ونصره الحصفكي في «الدر المنتقى» (٢: ٢٢٠). (٥) يعني بعد الحكم بشهادتهم؛ لأن ما أمضى من القضاء لا ينقض بقولهم ولا يجب الضمان عليهم؛ لأنهم ما رجعوا عن شهادتهم إنما شهدوا على غيرهم بالرجوع. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٢٢٠).