وعشرين، فيدفعُ فيه إليه أموالَهُ وقبلَ هذا السِّنِّ إن تصرَّفَ في مالِهِ بيعاً أو شراءً أو نحوهما يصحُّ تصرفُهُ عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -. وقالا: لا يصحّ؛ لأنَّهُ لو صحَّ لم يكنْ منعُ المالِ عنه مفيداً.
قلنا: بل يفيد؛ لأنَّ غالبَ تبذيرِ السُّفهاءِ بالهبة، فمنعُ المالِ يمنعُ الهبة، ثمَّ بعد خمسٍ وعشرينَ سنةٍ يسلَّمُ إليهِ مالُهُ وإن لم يؤنسُ منهُ رشدٌ عندَ أبي حنيفة - رضي الله عنه -، فإنَّ هذا السِّنَّ مظنَّةُ الرُّشدِ فيدورُ الحكمُ معها.
(وحبس القاضي المديون): أي الحرَّ المديون، (ليبيعَ مالَهُ لدينِه، وقضى دراهمَ دينِهِ من دراهمِه، وباعَ دنانيرَهُ لدراهمَ دينِه، وبالعكسِ استحساناً)، اعلمْ أنَّ القياسَ أن لا يبيعَ الدَّراهم لأجلِ دنانيرِ الدَّين، ولا الدَّنانير لأجلِ دراهمِ الدَّين؛ لأنَّهما مختلفان، لكن في الاستحسان أن (١) يباعَ كلٌّ واحدٍ لأجلِ الآخر؛ لأنَّهما متَّحدانِ في الثَّمنية، (لا عرضَهُ وعقارَه)، خلافاً لهما، فإنَّ المفلسَ إذا امتنعَ من بيعِ العرضِ والعقارِ للدَّين، فالقاضي يبيعهما ويقضي دينَهُ بالحصص (٢).
(ومَن أفلسَ ومعه عرضٌ شراهُ فبائعُهُ أسوةٌ للغرماء): أي أفلسَ ومعه عرضٌ شراه، ولم يؤدِّ الثَّمن، فبائعُهُ أسوةٌ للغرماء، وقال الشَّافعيّ - رضي الله عنه -: يحجرُ القاضي على المشتري بطلبِه، ثمَّ للبائعِ خيارُ الفسخ.