فِي سَفَرِي شَيْئاً مَا أَدْرِي مَا هُوَ، فَانْطَلِقْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلْنَسْأَلْهُ عمَّا صَنَعْتُ.
وَكُنَّا لاَ نَعْرِفُ رَسُوْلَ اللهِ، فَخَرَجْنَا نَسْأَلُ عَنْهُ، فَلَقِيْنَا بِالأَبْطَحِ رَجُلاً، فَسَأَلْنَاهُ عَنْهُ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفَانِهِ؟
قُلْنَا: لاَ.
قَالَ: فَهَلْ تَعْرِفَانِ العَبَّاسَ؟
قُلْنَا: نَعَمْ، فَكَانَ العَبَّاسُ يَخْتَلِفُ إِلَيْنَا بِالتِّجَارَةِ، فَعَرَفْنَاهُ.
فَقَالَ: هُوَ الرَّجُلُ الجَالِسُ مَعَهُ الآنَ فِي المَسْجِدِ.
فَأَتَيْنَاهُمَا، فَسَلَّمْنَا وَجَلَسْنَا، فَسَأَلْنَا العَبَّاسَ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ (١) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَنْ هَذَانِ يَا عَمّ؟) .
قَالَ: هَذَا البَرَاءُ بنُ مَعْرُوْرٍ، سَيِّدُ قَوْمِهِ، وَهَذَا كَعْبُ بنُ مَالِكٍ.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الشَّاعِرُ؟) .
فَقَالَ البَرَاءُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، وَاللهِ لَقَدْ صَنَعْتُ كَذَا وَكَذَا.
فَقَالَ: (قَدْ كُنْتَ عَلَى قِبْلَةٍ لَوْ صَبَرْتَ عَلَيْهَا) .
فَرَجَعَ إِلَى قِبْلَتِهِ.
ثُمَّ وَاعَدَنَا رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ العَقَبَةِ الأَوْسَطِ ... ، وَذَكَرَ القِصَّةَ بِطُوْلِهَا (٢) .
وَرَوَى: يَحْيَى بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَنَّ البَرَاءَ بنَ مَعْرُوْرٍ أَوْصَى بِثُلُثِهِ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَ أَوْصَى بِثُلُثٍ فِي سَبِيْلِ اللهِ، وَأَوْصَى بِثُلُثٍ لِوَلَدِهِ.
فَقِيْلَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَدَّهُ عَلَى الوَرَثَةِ.
فَقَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ مَاتَ، فَسَأَلَ عَنْ قَبْرِهِ، فَأَتَاهُ، فَصَفَّ عَلَيْهِ، وَكَبَّرَ.
وَقَالَ: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَأَدْخِلْهُ الجَنَّةَ، وَقَدْ فَعَلْتَ (٣)) .
وَكَانَ البَرَاءُ لَيْلَةَ العَقَبَةِ هُوَ أَجَلُّ (٤) السَّبْعِيْنَ، وَهُوَ أَوَّلُهُم مُبَايَعَةً لِرَسُوْلِ اللهِ
(١) سقط من المطبوع " فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم ".
(٢) إسناده صحيح.
وأخرجه ابن هشام ١ / ٤٣٩ - ٤٤٠، وأحمد ٣ / ٤٦٠، ٤٦٢، والطيالسي ٢ / ٩٣ من طريق ابن إسحاق، حدثني معبد بن كعب، عن أخيه عبد الله بن كعب، أن كعب بن مالك ... ، وقوله: " ليلة العقبة الأوسط " في السيرة والمسند: " وواعدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بالعقبة من أوسط أيام التشريق ".
(٣) ابن سعد ٣ / ٢ / ١٤٧ وفيه الواقدي وهو متروك.
(٤) تحرفت في المطبوع إلى " أحد ".