قَالَ أَبُو الوَقْتِ السِّجْزِيُّ: دَخَلْتُ نَيْسَابُوْر، وَحَضَرتُ عِنْد الأُسْتَاذِ أَبِي المَعَالِي الجُوَيْنِيّ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟
قُلْتُ: خَادمُ الشَّيْخ أَبِي إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيّ.
فَقَالَ: رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (١) .
قُلْتُ: اسْمَع إِلَى عقلِ هَذَا الإِمَام، وَدَعْ سَبَّ الطَّغَام، إِنْ هُم إِلاَّ كَالأَنعَام.
قَالَ ابْنُ طَاهِر: وَسَمِعْتُ أَبَا إِسْمَاعِيْلَ يَقُوْلُ: كِتَابُ أَبِي عِيْسَى التِّرْمِذِيّ عِنْدِي أَفْيَدُ مِنْ كِتَاب البُخَارِيّ وَمُسْلِم.
قُلْتُ: وَلِمَ؟
قَالَ: لأَنَّهُمَا لاَ يَصلُ إِلَى الفَائِدَة مِنْهُمَا إِلاَّ مَنْ يَكُوْنُ مِنْ أَهْلِ المَعْرِفَة التَّامة، وَهَذَا كِتَابٌ قَدْ شَرَح أَحَادِيْثَه، وَبيَّنهَا، فِيَصِلُ إِلَى فَائِدته كُلُّ فَقِيْهٍ وَكُلُّ مُحَدِّثٍ (٢) .
قَالَ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيّ: سَأَلتُ إِسْمَاعِيْلَ بنَ مُحَمَّدٍ الحَافِظَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِيّ، فَقَالَ: إِمَامٌ حَافظ (٣) .
وَقَالَ عبدُ الغَافِرِ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: كَانَ أَبُو إِسْمَاعِيْلَ الأَنْصَارِيُّ عَلَى حَظٍّ تَامٍّ مِنْ مَعْرِفَة العَرَبِيَّة وَالحَدِيْثِ وَالتَّوَارِيخِ وَالأَنسَابِ، إِمَاماً كَامِلاً فِي التَّفْسِيْر، حَسْنَ السِّيْرَةِ فِي التَّصُوُّف، غَيْرَ مُشْتَغِلٍ بِكَسْبٍ، مُكْتَفِياً بِمَا يُبَاسِطُ بِهِ المرِيْدينَ وَالأَتْبَاع مِنْ أَهْلِ مَجْلِسه فِي العَامِ مَرَّةً أَوْ مرَّتين عَلَى رَأْس الملأِ، فِيحصل عَلَى أُلوفٍ مِنَ الدَّنَانِيْر وَأَعدَادٍ مِنَ الثِّيَاب وَالحُلِيِّ، فَيَأْخذُهَا، وَيُفَرِّقهَا عَلَى اللَّحَام وَالخَبَّاز، وَيُنفق مِنْهَا، وَلاَ يَأْخذُ مِنَ السُّلْطَان وَلاَ مِنْ أَركَانِ الدَّوْلَة شَيْئاً، وَقلَّ مَا يُرَاعِيْهُم (٤) ، وَلاَ يَدخُل عَلَيْهِم، وَلاَ يُبَالِي بِهِم، فَبقِيَ عَزِيزاً
(١) المصدر السابق: ١١٨٩.(٢) المصدر نفسه.(٣) المصدر نفسه.(٤) تحرفت في " التذكرة " إلى: يرى عنهم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute