وسمعت غير واحد من مشايخنا يذكرون عن الأرْغِيانِي أنَّه قال: ما أعلم مِنْبرًا من منابر الإِسْلام بقي عَلِي لم أدخله لسماع الحديث.
وسمعت أبا إِسْحاق المُزَكّي، سمعت مُحَمَّد بن المسيب يقول: كنت أمشي بمِصْر وفي كُمِّي مائة جزء، في كل جزء ألف حديث.
وسمعت أبا عَلِي الحافظ يقول: كان مُحَمَّد بن بن المسيب يمشي بمِصْر وفي كُمِّه مائة ألف حديث، قيل لأبي عَلِي: وكيف كان يمكن هذا؟ قال: كانت أجزاؤه صغارًا بخط دقيق، في كل جزء ألف حديث معدودة، وكان يحمل معه مائة جزء، فصار هذا كالمشهور من شأنه".
قلت: علق الذَّهَبِي في "النُّبَلاء" على قول الأرْغِيانِي: "ما أعلم مِنْبَرًا من منابر الإِسْلام … إِلخ بقوله: "أقول: هذا يقوله الرجل على وجه المبالغة، وإِلّا فهو لم يدخل الأندلس، ولا المغرب، ولا أظُنُّ أنَّه عَني إِلًّا المنابر الَّتي بحضرتها رواية الحديث".
وعلق على قوله:"كنت أمشي بمِصْر، وفي كُمِّي مائة جزء … "، بقوله:"قلت: هذا يدلُّ على دقة خطِّه، وإِلَّا فألف حديث بخط مفسِّر تكون في مجلد، والكُمُّ إِذا حمل فيه أربع مجلدات فبالجَهْد".
وقال السَّمْعاني في "الأَنْسَاب": "كان من العُبَّاد المجتهدين، ومن الجوالين في طلب الحديث؛ على الصدق، والورع، سمع بخراسان، وبالبصرة، وبالكُوْفة، وبالحجاز، وبمِصْر، وبالشَّام".
= للأحاديث، لا سيَّما وهو لم يرو منكرًا. وأمَّا الراوي عن زكريا هذا فهو صاحب الترجمة العلم الهَمَّام شيخ الإِسْلام مُحَمَّد بن المسيب الأرْغِيانِي، والله المستعان.