للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فمن أرضى الله كفاه مؤنة الناس ورضي عنه، ثم فيما بعد يرضون، إذ العاقبة للتقوى، ويحبه الله فيحبه الناس. كما في الصحيحين عن النبي أنه قال: "إذا أحب الله العبد نادى: يا جبرائيل، إني أحب فلانا فأحبه، فيحبه جبرائيل، ثم ينادي جبرائيل في السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض" (١)، وقال في البغض مثل ذلك. فقد بين أنه لا بد لكل مخلوق من أن يتقي إما المخلوق، وإما الخالق. وتقوى المخلوق ضررها راجح على نفعها من وجوه كثيرة، وتقوى الله هي التي يحصل بها (٢) سعادة الدنيا والآخرة، فهو سبحانه أهل التقوى، وهو أيضا أهل المغفرة، فإنه هو الذي يغفر الذنوب، لا يقدر مخلوق على أن يغفر الذنوب ويجير من عذابها غيره، وهو الذي يجير ولا يجار عليه. قال بعض السلف: ما احتاج تقي قط، لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: ٢، ٣]، فقد ضمن الله للمتقين أن يجعل لهم مخرجا مما يضيق على الناس، وأن يرزقهم من حيث لا يحتسبون، فإذا لم يحصل ذلك دل على أن في التقوى خللا، فليستغفر الله وليتب إليه، ثم قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٣]، أي فهو كافيه، لا يحوجه إلى غيره.


= "ق ٧٦/ ١" وقال العقيلي: "العلاء بن المنهال لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به".
وقال ابن عدي: "وليس القوي".
قلت: وأما ابن حبان فذكره في "الثقات"!
ثم قال العقيلي:
"ولا يصح في الباب مسند، وهو موقوف من قول عائشة".
قلت: الصواب عندي: أن الحديث صحيح موقوفا ومرفوعا، أما الموقوف فظاهر الصحة، وأما المرفوع، فلأنه جاء من طريق حسنة عن عثمان بن واقد كما تقدم، فإذا انضم إليه طريق الترمذي ارتقى الحديث إن شاء الله إلى درجة الصحة.
(١) متفق عليه عن أبي هريرة، وهو مخرج في "الضعيفة" "٢٢٠٧" تحت حديث آخر عن أنس مخالف لهذا في اللفظ.
(٢) في الأصل: لها.

<<  <   >  >>