ش: الاصطفاء والاجتباء والارتضاء: متقارب المعنى. واعلم أن كمال المخلوق في تحقيق عبوديته لله تعالى. وكلما ازداد العبد تحقيقًا للعبودية ازداد كماله وعلت درجته ومن توهم أن المخلوق يخرج عن العبودية بوجه من الوجوه، وأن الخروج عنها أكمل، فهو [من] أجهل الخلق وأضلهم، قال تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ [سورة الأنبياء: ٢٦]، إلى غير ذلك من الآيات. وذكر الله نبيه ﷺ باسم العبد في أشرف المقامات، فقال في ذكر الإسراء: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾ [سورة الإسراء: ١]. وقال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾ [سورة الجن: ١٩]. وقال تعالى: ﴿فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى﴾ [سورة النجم: ١٠]. وقال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا﴾ [سورة البقرة: ٢٣]. وبذلك استحق التقديم على الناس في الدنيا والآخرة. ولذلك يقول المسيح ﵇ يوم القيامة، إذا طلبوا منه الشفاعة بعد الأنبياء ﵈:"اذهبوا إلى محمد، عبد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر"(١). فحصلت له تلك المرتبة بتكميل عبوديته لله تعالى.
(١) متفق عليه وهو قطعة من حديث سيأتي بطوله في الكتاب.