قوله:"ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين، ما داموا بما جاء به النبي ﷺ معترفين، وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين".
ش: قال رسول الله ﷺ: "من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما لنا وعليه ما علينا"(١). ويشير الشيخ ﵀ بهذا الكلام إلى أن الإسلام والإيمان واحد، وأن المسلم لا يخرج من الإسلام بارتكاب الذنب ما لم يستحله. والمراد بقوله: أهل قبلتنا، من يدعي الإسلام ويستقبل الكعبة وإن كان من أهل الأهواء، أو من أهل المعاصي، ما لم يكذب بشيء مما جاء به الرسول ﷺ، وسيأتي الكلام على هذين المعنيين عند قول الشيخ: ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله. وعند قوله: والإسلام والإيمان واحد، وأهله في أصله سواء.
قوله:"ولا نخوض في الله، ولا نماري في دين الله".
ش: يشير الشيخ ﵀ إلى الكف عن كلام المتكلمين الباطل، وذم علمهم، فإنهم يتكلمون في الإله بغير علم وغير سلطان أتاهم، ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾ [النجم: ٢٣]. وعن أبي حنيفة ﵀، أنه قال: لا ينبغي لأحد أن ينطق في ذات بشيء، بل يصفه بما وصف به نفسه. وقال بعضهم: الحق سبحانه يقول: من ألزمته القيام مع أسمائي وصفاتي ألزمته الأدب، ومن كشفت له حقيقة ذاتي ألزمته العطب، فاختر الأدب أو العطب. ويشهد لهذا: أنه سبحانه لما كشف للجبل عن ذاته ساخ الجبل وتدكدك ولم يثبت على عظمة الذات. قال الشبلي: الانبساط بالقول مع الحق ترك الأدب. وقوله: ولا نماري في دين الله. معناه: لا نخاصم أهل الحق بإلقاء شبهات أهل الأهواء عليهم، التماسا لامترائهم وميلهم، لأنه في معنى الدعاء إلى الباطل، وتلبيس الحق، وإفساد دين الإسلام.
(١) أخرجه البخاري في الصلاة من حديث أنس إلا أنه قال: "له ما للمسلم وعليه ما على المسلم". وأخرجه أبو داود وغيره عنه نحوه. وهو مخرج في "الصحيحة" "٣٠٣".