القلم الأول: العام الشامل لجميع المخلوقات، وهو الذي تقدم ذكره مع اللوح.
القلم الثاني: خبر (١) خلق آدم، وهو قلم عام أيضا، لكن لبني آدم، ورد في هذا آيات تدل على أن الله قدر أعمال بني آدم وأرزاقهم وآجالهم وسعادتهم، عقيب خلق أبيهم.
القلم الثالث: حين يرسل الملك إلى الجنين في بطن أمه، فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد (٢). كما ورد ذلك في الأحاديث الصحيحة.
القلم الرابع: الموضوع على العبد عند بلوغه، الذي بأيدي الكرام الكاتبين، الذين يكتبون ما يفعله بنو آدم، كما ورد ذلك في الكتاب والسنة.
وإذا علم العبد أن كلا من عند الله، فالواجب إفراده سبحانه بالخشية والتقوى. قال تعالى: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ﴾ [المائدة: ٤٤]. ﴿وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: ٤٠]. ﴿وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ﴾ [البقرة: ٤١]. ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [النور: ٥٢]. ﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ﴾ [المدثر: ٥٦].
ونظائر هذا المعنى في القرآن كثيرة، ولا بد لكل عبد أن يتقي أشياء، فإنه لا يعيش وحده، ولو كان ملكا مطاعا فلا بد أن يتقي أشياء يراعي بها رعيته، فحينئذ فلا بد لكل إنسان أن يتقي، فإن لم يتق الله اتقى المخلوق، والخلق لا يتفق حبهم كلهم وبغضهم، بل الذي يريده هذا يبغضه هذا، فلا يمكن إرضاؤهم كلهم، كما قال الشافعي ﵁: رضى الناس غاية لا تدرك، فعليك بالأمر الذي يصلحك فالزمه، ودع ما سواه فلا تعانه، فإرضاء الخلق لا مقدور (٣) ولا مأمور، وإرضاء الخالق مقدور ومأمور، [و] أيضا فالمخلوق لا يغني عنه من الله شيئا، فإذا اتقى العبد ربه كفاه مؤنة الناس، كما كتبت عائشة إلى معاوية، روي
(١) في الأصل: حين. (٢) متفق عليه من حديث ابن مسعود، وقد مضى بتمامه "برقم ٢٤٢". (٣) في الأصل: فمقدور.