للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال العلامة أبو عبد الله القرطبي [] في "التذكرة": واختلف في الميزان والحوض: أيهما يكون قبل الآخر؟ فقيل: الميزان، وقيل: الحوض. قال أبو الحسن القابسي: والصحيح أن الحوض قبل. قال القرطبي: والمعنى يقتضيه، فإن الناس يخرجون عطاشا من قبورهم، كما تقدم فيقدم قبل الميزان والصراط، قال أبو حامد الغزالي ، في كتاب "كشف علم الآخرة": حكى بعض السلف من أهل التصنيف، أن الحوض يورد بعد الصراط، وهو غلط من قائله. قال القرطبي: هو كما قال، ثم قال القرطبي: ولا يخطر ببالك أنه في هذه الأرض، بل في الأرض المبدلة، أرض بيضاء كالفضة، لم يسفك فيها دم، ولم يظلم على ظهرها أحد قط، تظهر لنزول الجبار لفصل القضاء. انتهى. فقاتل الله المنكرين لوجود الحوض، وأخلق بهم أن يحال بينهم وبين وروده يوم العطش الأكبر.

قوله: "والشفاعة التي ادخرها لهم حق، كما روي في الأخبار".

ش: الشفاعة أنواع: منها ما هو متفق عليه بين الأمة، ومنها ما خالف فيه المعتزلة ونحوهم من أهل البدع.

النوع الأول: الشفاعة الأولى، وهي العظمى، الخاصة بنبينا من بين سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين. "في الصحيحين" وغيرهما عن جماعة من الصحابة، أجمعين، أحاديث الشفاعة.

منها: عن أبي هريرة ، قال: "أتى رسول الله بلحم، فدفع إليه منها الذراع، وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، ثم قال: أنا سيد الناس يوم القيامة، وهل تدرون لم ذلك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد [واحد]، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون إلى ما أنتم فيه؟ ألا ترون إلى ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم؟ فيقول بعض الناس لبعض: أبوكم آدم، فيأتون آدم، فيقولون: يا آدم، أنت أبو البشر، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم

<<  <   >  >>