ناسبا نحويا كثير السماع، راوية لأشعار القبائل، كثير الحفظ، لم يكن فى الكوفيين أشبه برواية البصريين منه. [وكان [١]] يزعم أن الاصمعى وأبا عبيدة لا يحسنان قليلا ولا كثيرا.
وقيل لأبى زيد الإقليدسىّ [٢]: لم لم تأت ابن الأعرابىّ ولم تقرأ كتبه؟ قال:
بلغنى أنه كان ينتقص الشّيخين- يعنى الأصمعىّ وأبا عبيدة.
وقال محمد بن الفضل بن سعيد بن سلم: حدّثنى أبى قال: كان ابن الأعرابى يؤدّبنا أيام أبى سعيد بن سلم [٣]، فكان الأصمعىّ يأتينا مواصلا، فيناظره ابن الأعرابىّ، فيرتجل [٤] ذلك. وكان أعلم بالإعراب منه، وكان الأصمعىّ يفتر فيه ويغريه بالشّعر ويسلكه مسلكه فى جهة المعانى؛ فإذا وقع هذا الباب وبرىء من الإعراب التهمه فلم يغترف من بحره.
قال [أبو حاتم [١]]: وكان الأصمعىّ يأتى سعيد بن سلم وابن الأعرابىّ مؤدّب لولده؛ فيفارق المجلس، ويسأله سعيد الإملاء على ولده فيفعل، فإذا زال الأصمعىّ خرج ابن الأعرابى فيقول: اعرضوا علىّ ما أفادكم الباهلىّ. قال: ثم يكتبه.
وأنشد ابن الأعرابى فى الكتب:
لنا جلساء ما نملّ حديثهم ... ألّباء مأمونون غيبا ومشهدا
لو قيل للعباس يابن محمد ... قل: لا- وأنت مخلد- ما قالها إن السماحة لم تزل معقولة ... حتى حللت براحتيك عقالها وإذا الملوك تسايرت فى بلدة ... كانت كواكبنا وأنت هلالها توفى سنة ١٨٦. (تاريخ بغداد ١٢: ١٢٥). [١] من طبقات الزبيدى. [٢] الإقليدسى: منسوب إلى إقليدس، قال السمعانى فى هذه النسبة: لعله كان يعرف هذا الكتاب، أو نسخه فنسب إليه. [٣] هو سعيد بن مسلم بن قتيبة بن مسلم الباهلى؛ تقدّمت ترجمته فى حواشى الجزء الأوّل ص ٢٥٨. [٤] فى الأصلين: «فيرتج ذلك»، وصوابه من طبقات الزبيدىّ، والخبر منقول من هناك.