وذلك كقولك: مات زيد [١]، فلو عاملت المعنى لوجب أن تقول:«مات زيدا [١]»؛ لأن الله تعالى هو الذى أماته، ولكنّك عاملت اللّفظ فأردت:«سكنت حركات زيد».
وقال ثعلب غير مرّة: لولا الفرّاء ما كانت عربيّة، لأنه خلّصها [٢] وضبّطها، ولولا الفرّاء لسقطت العربية، لأنها كانت تتنازع ويدّعيها كلّ من أراد، ويتكلّم الناس فيها على مقادير عقولهم وقرائحهم فتذهب. ولقد رأينا [٣] العلماء يؤدّون فى العلم [٤] أقاويل العلماء، ثم تكون العلل بعد، ثمّ رأينا النّاس بعد ذلك يتكلّمون فى العلم بآرائهم ويقولون: نحن نقول؛ فيأتون بالكلام على طباعهم، ويحسّنون ما يحسن [٥] فى عقولهم، وهذا ذهاب العلم وبطلانه [٦].
وقال ثعلب: كان [السّبب [٧]] فى إملاء الفرّاء كتاب «معانى القرآن» أن عمر بن بسكير [٨]- وكان من أصحابه، كان مع الحسن بن سهل [٩]- فكتب إليه:
إن الأمير الحسن لا يزال يسألنى عن أشياء من القرآن لا يحضرنى عنها جواب،
[١] ساقط من ب، وفى الأصل: «مات زيد»، والصواب ما أثبته من الزبيدىّ [٢] الزبيدىّ: «حصنها». [٣] الزبيدىّ: «وأدركنا». [٤] الزبيدىّ: «يردون فى العلم». [٥] الزبيدىّ: «وبحسب ما يحسن عندهم». [٦] الخبر، نقله الزبيدىّ فى الطبقات. [٧] من الزبيدىّ والسيوطىّ. [٨] هو عمر بن بكير، ذكره فى بغية الوعاة ٣: ٢١٧، وقال: «صاحب الحسن بن سهل، قال ياقوت: «كان نحويا أخبار يا راوية ناسبا، عمل له الفراء معانى القرآن، وصنف كتاب الأيام فى الغزوات». [٩] هو أبو محمد الحسن بن سهل السرخسىّ، وزيرا لمأمون بعد أخيه الفضل، توفى سنة ١٣١. ابن خلكان ١: ١٤١.