كان من أفضل العابدين، وفرض على نفسه كل يوم ألف ركعة، يقوم عند طلوع الشمس فلا يزال قائما إلى العصر، ثم ينصرف وقد انتفخت ساقاه وقدماه فيقول: يا نفس إنما خلقت للعبادة يا أمارة بالسوء، فو الله لأعملن بك عملا [حتى لا] يأخذ الفراش منك نصيبا. قال: وهبط واديا يقال له وادي السباع، وفي الوادي عابد حبشي يقال له حممة، فانفرد عامر في ناحية وحممة في ناحية يصليان، لا هذا ينصرف إلى هذا ولا هذا ينصرف إلى هذا أربعين يوما وأربعين ليلة، إذا جاء وقت الفريضة صليا ثم أقبلا يتطوعان، ثم انصرف عامر بعد أربعين يوما فجاء إلى حممة فقال: من أنت يرحمك الله؟ قال دعني وهمي قال أقسمت عليك. قال: أنا حممة، قال عامر لئن كنت حممة الذي ذكر لي لأنت أعبد من في الأرض، أخبرنى عن أفضل خصلة؟ قال: إني لمقصر ولولا مواقيت الصلاة تقطع علي القيام والسجود لأحببت أن أجعل عمري راكعا ووجهي مفترشا حتى ألقاه، ولكن الفرائض لا تدعني أفعل ذلك فمن أنت رحمك الله؟ قال: أنا عامر بن عبد قيس. قال: إن كنت عامرا الذي ذكر لي فأنت أعبد الناس فأخبرني بأفضل خصلة؟ قال: إني لمقصر ولكن واحدة عظمت هيبة الله فى صدرى حتى ما أهاب شيئا غيره، فاكتنفته السباع فأتاه سبع منها فوثب عليه من خلفه فوضع يديه على منكبه وعامر يتلو هذه الآية ﴿(ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود)﴾ فلما رأى السبع أنه لا يكترث به ذهب. قال حممة: بالله يا عامر ما هالك ما رأيت؟ قال: إني لأستحي من الله ﷿ أن أهاب شيئا غيره. قال حممة: لولا أن الله ﷿ ابتلانا بالبطن فإذا أكلنا لا بد لنا من الحدث ما رآني ربي إلا راكعا أو ساجدا، وكان يصلى فى اليوم ثمانمائة ركعة، وكان يقول: إني لمقصر في العبادة، وكان يعاتب نفسه.
• حدثنا أبي ثنا أبو الحسن ثنا شعيب بن محرز ثنا سهل أخو حزم. قال: